الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسلمون مجمعون على أن ما قبل يوم النحر ليس وقتا للأضحية، فهذه الذبائح التي ذبحت يوم عرفة لا تجزئ عن الأضحية بلا شك، ولكنها ذبائح لحم، وقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى .
وإذا كان من وكلتهم في شراء الأضاحي قد عينوها بقولهم هذه أضحية فقد تعينت بذلك. واختيار شيخ الإسلام أن الأضحية تتعين بالشراء مع النية، وهو قول أبي حنيفة ومالك.
والمفتى به عندنا الأول، وعلى هذا فإذا كانت قد تعينت فإن بدلها واجب على من أتلفها بذبحها قبل وقتها فيشتري مكان هذه الشياه ويذبح ولو بعد مضي أيام الذبح قضاء.
قال ابن قدامه رحمه الله: إذا فات وقت الذبح، ذبح الواجب قضاء، وصنع به ما يصنع بالمذبوح في وقته وهو مخير في التطوع.
وقال أيضا تعليقا على قول الخرقي: فإن ذبح قبل ذلك (قبل وقت الذبح )لم يجزئه ولزمه البدل، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى، لأنها نسيكة واجبة ذبحها قبل وقتها فلزمه بدلها كالهدي إذا ذبحه قبل محله، ويجب بأن يكون بدلها مثلها أو خيرا منها لأن ذبحها قبل محلها إتلاف لها.
وكلام الخرقي ومن أطلق من أصحابنا محمول على الأضحية الواجبة بنذر أو تعيين فإن كانت غير واجبة بواحد من الأمرين فهي شاة لحم ولا بدل عليه إلا أن يشاء. انتهى.
وهذا كله إذا كنت قد أذنت لهم في تعيينها، وأما إذا لم تكن أذنت لهم في تعيينها فإنها لا تتعين بتعيينهم لأنها دخلت في ملكك بمجرد شرائهم لها فلا يملكون تعيينها، وعلى هذا فإن عليهم أن يضمنوها لك لأنهم أتلفوها عليك وأنت بالخيار بين أن تصرفها مصرف الأضحية وهو أولى أو تبقيها في ملكك.
وأما إرادتك الأضحية عن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيجيزها بعض أهل العلم كابن حزم رحمه الله محتجا بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح كبشا عنه وعن أهل بيته وكبشا عمن لم يضح من أمته، وأكثر أهل العلم على خلاف ذلك، والمفتى به عندنا أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل ومن يلتزم بنفقتهم لحديث أبي أيوب عند أصحاب السنن: فكانت الشاة تذبح عن الرجل وأهل بيته. وانظر الفتوى رقم: 13844.
والله أعلم.