الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدعاء بنقص الطول وإن كان داخلاً فيما يقدر الله تعالى عليه إلا أنه نوع من الاعتداء، إذ إن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن، وقد سبق بيان ذلك مع بيان ما هية الاعتداء في الدعاء، وذلك في الفتوى رقم: 23425، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 49055.
ونذكر الأخت السائلة بأن الإنسان لا يقدر بجسمه طولاً وقصراً وإنما يقدر بدينه وعقله وعمله، فقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}.
فلتكن همة هذا الشخص في تحصيل ما ينفعه مما يقدر عليه وليدع عنه التطلع إلى ما لم يقسم وليرض بقضاء الله له، فإن اختياره سبحانه للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، فهو أرحم به من أمه التي ولدته... وأساس ذلك هو الإيمان بالقضاء والقدر، فإنه يبعث في النفس الطمأنينة ويريحها من كد التطلع إلى ما لم يكن ويخفف عنها عناء حصول ما يكره، وبه يعلم المرء أن ما أصابه لم يكن ليخطئه.. وما أخطأه لم يكن ليصيبه، كما قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد:22-23}.
وقد سبق بيان أن الإيمان بالقدر فيه راحة البال وطمأنينة النفس وثبات القلب والقناعة بما قسم، والصبر وترك المعارضة والاعتراض، وذلك في الفتوى رقم: 19686، والفتوى رقم: 67357.
كما سبق بيان آثار الإيمان عموماً في حياة المسلم، ومنها تحقيق السعادة والطمأنينة، والأمن في الدنيا والآخرة، والثبات أمام الفتن، وذلك في الفتوى رقم: 38814.
والله أعلم.