الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنوصيك خيرا بوالدك، فحقه عليك عظيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد، وسخط الله من سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة.
واعلمي أيتها السائلة أنه تلزمك نفقة أبيك إذا كان محتاجا، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
ولكن ليس معنى هذا أن يأخذ الأب مالك ليشترى به ما يريد بحجة أنه محتاج، كلا بل له أن يأخذ ما يكفيه لسد ضروراته وحاجته فقط، وبشرط ألا يأخذ ما تعلقت به حاجتك كمال لازم لك للزواج ونحو ذلك.
فإذا كان قد كفي هذا بسعة في الرزق فلا يجب عليك نفقته، ولا يجوز له أن يأخذ شيئا من مالك بغير طيب نفس منك.
وإذا كان فقيرا وأعطيته ما يكفي حاجته، فلا يجوز له أن يأخذ ما وراء ذلك، ولكن يستحب لك أن تعطيه حتى مع غناه تطييبا لخاطره ومبالغة في إكرامه وبره.
أما أن يتسلط الأب على مال ابنه أو بنته ليأخذ منه ما يشاء، دون حاجة ودون رضا صاحب المال، فهذا حرام لا يجوز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، ولو منعه ولده من ذلك فلا حرج عليه، ولا يعد هذا من العقوق المحرم، شريطة أن يتم ذلك كله سواء العطاء أو المنع في جو من البر والوقار واللطف، دون أدنى إساءة أو زجر.
والله أعلم.