الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما كثرة حلف أبيك بالطلاق، فإن كانت أمك على يقين أنه جاوز الطلقات الثلاث، فإنه لا يجوز لها أن تبقى معه يعاملها معاملة الأزواج، ولا يجوز لها أن تمكنه من نفسها، بل ولا يجوز لها أن تساكنه، وعليها أن تفارقه ولو بطريق الخلع أو ترفع أمره للقضاء ليفرق بينهما. قال ابن قدامة في المغني: وهذا قول أكثر أهل العلم لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. انتهى. وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 59567، 30001.
أما إذا لم تكن على يقين من ذلك أو كانت تشك في وقوع الطلاق أو عدمه فعليها رفع أمرها لأهل العلم، واستفتائهم في عدد مرات الطلاق وصيغة الطلاق في كل مرة، وما يفتونها به فعليها أن تعمل به.
وأما ما كان من أبيك ومن منعه لك من أخذ شيء من بيته، فهذا وإن كان خلاف الأولى وخلاف الإحسان للأولاد الذين أوصى الله بهم، إلا أنه لا حرج عليه في ذلك لأن نفقتك إنما تجب على زوجك لا أبيك.
وأما ما يريد أن يأخذه منك، فإن كان فقيرا وكنت صاحبة مال فإنه تجب عليك نفقته بالمعروف، ولكن إن كان غنيا فلا يجوز له أن يأخذ شيئا من مالك إلا ما تعطينه له عن طيب نفس منك، ويستحب لك ذلك برا به وإحسانا إليه.
وأما إن كنت فقيرة فلا يجب عليك شيء، ولو كان أبوك فقيرا، ولا يجب عليك أن تأخذي من مال زوجك لتعطيه، بل لا يجوز هذا إلا بعلم الزوج وإذنه.
وأما ما تريدين فعله من أخذ مال من زوجك دون علمه لشراء شقة لأمك فهذا غير جائز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، لأن أموال زوجك حق خالص له، ولا يجوز لك أن تأخذي منها شيئا، ولا أن تنفقي منها شيئا إلا بعلمه وإذنه، فقد روى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
واستثنى العلماء من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح في مثله، لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا.
وما تريدين فعله من كتابة هذه الشقة باسمه على أنها هدية من أمك لا يبرر الفعل، ولا يخرجه عن صفة الحرمة؛ لأن مجرد تصرفك في ماله دون علمه، وإسكان أمك في هذه الشقة فترة من الزمن دون علمه، كل هذا حرام لا يجوز.
والله أعلم.