الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت نطقت لزوجتك بالطلاق صريحاً قاصداً لفظه، فقد وقع ولا اعتبار لعدم النية، قال ابن قدامة: صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك، ولأن ما يعتبر له القول يكتفى فيه به من غير نية إذا كان صريحاً فيه. اهـ
إلا أن تكون مغلوباً على عقلك بسبب الغضب، ولا تعي ما يصدر منك فلا يقع عليك الطلاق حينئذ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود... والإغلاق هو انغلاق الذهن عن النظر والتفكير.. وعلى اعتبار لزوم الطلاق ووقوعه فإن زوجتك قد بانت منك بالثلاث وحرمت عليك، وإمساكها بعد ذلك حرام لا يجوز، والطلاق فيه لا أثر له لأنه لا يصادف محلاً.
وأما إذا كان الغضب بلغ منك مبلغه، وصدر منك ما صدر وأنت في غير وعي وإدراك، فلا يلزمك ما كان منك حينئذ، وإنما يحسب عليك ما نطقت به في حال وعيك وإدراكك، وقد أقررت على نفسك بواحدة وبقي الثلاث الأولى، هل صدرت منك كلها أو بعضها في وعي وإدراك أم لا؟ وننبهك إلى أن مجرد الغضب غير مانع لوقوع الطلاق إلا أن يصل إلى درجة فقد الوعي والإدراك، كما ذكرنا، والطلاق الصريح لا يحتاج فيه إلى نية قصد الطلاق، وإنما المعتبر هو قصد اللفظ فيحسب مع أهلية المتكلم به، وينبغي أن تعرض مسألتك على المحاكم الشرعية أو تشافه أهل العلم بها مباشرة، وللفائدة أكثر في ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 113670، 98385، 20037.
والله أعلم.