الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزنا حرام، وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}، وقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك. متفق عليه.
وقد أجمع أهل الملل على تحريمه، ويزداد قبح هذه الجريمة إذا كانت من المتزوج، ولذا فإن الله سبحانه بحكمته قد جعل حد الزاني المحصن أشنع الميتات وأبشعها، وهي أن يرجم بالحجارة حتى الموت. وما كان من زوجتك وامتناعها عنك في الفراش كبيرة من كبائر الإثم التي توجب لعنة علام الغيوب، وكونها تعاني من برود جنسي ليس بعذر، بل عليها أن تمكنك من نفسها على أي حال طالما انتفى العذر الشرعي من حيض ونحوه، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات ساخطاً عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وهي بفعلها هذا ناشز، وقد بينا معنى النشوز وحكمه في الفتوى رقم: 1103.
ولكن مهما يكن من أمر ففعلها ليس مبرراً على الإطلاق لما وقعت فيه من هذه الفاحشة المبينة، لذا فعليك أيها السائل بالتوبة إلى الله سبحانه توبة صادقة نصوحاً يعظم فيها ندمك، بل ويتقطع قلبك حسرات على ما كان منك، لعل مولاك يرى صدقك فيرحمك ويغفر لك، قال سبحانه: لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:110}، والمعنى إلا أن تقطع قلوبهم من الندم والحسرة على ما كان منهم، قال السعدي رحمه الله: إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ. بأن يندموا غاية الندم ويتوبوا إلى ربهم، ويخافوه غاية الخوف، فبذلك يعفو الله عنهم. انتهى.
مع الإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}، واحرص مع ذلك كل الحرص على أن تستر نفسك فلا تذكر ما كان منك لأي أحد لا لزوجتك ولا لغيرها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي وغيره: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
فإن فعلت ذلك فأبشر حينئذ بقبول توبة الله عليك، فقد وعد الله سبحانه بقبول توبة التائبين، فقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم وغيره. ولتسع في علاج زوجتك مما تعانيه من برود جنسي حتى يحصل لك معها الإعفاف، فإن تعسر ذلك فعليك بالزواج من امرأة ثانية تحصل لك العفاف.
والله أعلم.