الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك أن تسافر سفر نقلة لغير غرض معتبر إلا بإذنهما؛ لما في ذلك من المشقة عليهما، وحرقة كبديهما عليك، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: منها تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم والتجارة. وأنت سفرك لغير ذلك.. فارحم حبهما لك وشفقتهما عليك، واعرف لهما حقهما في تربيتك ورعايتك ولا تكفر جميلهما، فإن حقهما عظيم، وهواهما مقدم على هواك، ما لم يكن في معصية الله عز وجل، وقد وصى الله بهما، وتبنى حقهما بعد حقه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
وفي الحديث أن معاوية بن جاهمة أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الغزو معه وقال: يا رسول الله، قد جئت أستشيرك فقال: هل لك أم. قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره. قال السخاوي: إن التواضع للأمهات سبب لدخول الجنة..اهـ كما أن عقوق الوالدين سبب في دخول النار وهو من أكبر الكبائر كما في حديث أبي بكرة المتفق عليه، وهو مما يعجل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة، فإياك وعقوق الوالدين وما يسخطها، ولا ترحل إلا بإذنهما ورضاهما، وزوجتك يلزمها أن تقيم معك حيث أنت، لا أن ترحل معها حيث هي، فاطلب العمل حيث يقيم والداك، وقد تجد فيه من البركة والخير ما لا تجده في سواه، بسبب برهما وطاعتهما، وإن أشارا عليك بما لا معصية فيه، واستطعت تنفيذ أمرهما، فافعل وما لا تستطيع فعله أو شق عليك فحاورهما فيه بحكمة وقول حسن هين لين لينزلا عند رأيك. وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24850، 55048، 98838.
والله أعلم.