الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحسب أنك على قدر من العلم والفهم وعلى إيمان ويقين يمكنك بهما تجاوز هذه المحنة، والمحن قد تحمل في طياتها منحا كثيرة، فقد يبتلي الله تعالى عبده لكونه يحبه، روى الترمذي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.
ففي الرضا بالقضاء تسلية للنفس، قال الله سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ { سورة الحديد 22-23}.
وفي الصبر على البلاء رفعة للدرجات وكفارة للسيئات، روى مسلم في صحيحه عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.
فنوصيك بالصبر والاستعانة بالله تعالى وكثرة التضرع إليه والانكسار بين يديه، فهو المجيب دعوة المضطرين، قال سبحانه: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107}.
وعيك بدعوة ذي النون، روى الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
ولا يبعد أن يكون ما حصل لك بعض الآثار للضغوط النفسية التي تعرضت لها بسبب زواج زوجك، فاستغل الشيطان مثل هذا الأمر ليوقعك في شيء من الأحزان لينكد بها حياتك ويقعدك عن طلب المعالي ويصرفك عن الدور الذي تقومين به في الدعوة إلى الله وخدمة أمتك.
ولكن ينبغي أن تسلي نفسك في هذا الجانب ببعض الأمور التي قد تعينك في تخفيف هذه الضغوط ومن ذلك أن تكثري الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله عز وجل: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ {فصِّلت:36} وعليك بأن تستحضري أن زوجك لم يفعل إلا ما أباحه الله له، وأنه إذا كان قد فعل ذلك فقد فعله من هو خير منه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع من هن أفضل منك أمهات المؤمنين، هذا بالإضافة إلى أمر لا يخفى عليك وأنت الداعية إلى الله وهو كثرة نساء الأمة اللاتي في حاجة إلى من يعفهن وينجب منهن أولادا ينفعون البلاد والعباد ويخدمون دينهم.
وننصحك في ختام هذه الفقرة بمراجعة بعض الثقات من الأخصائيين في الطب النفسي إن شعرت أنك في حاجة إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى المحافظة على الصلوات والإكثار من ذكر الله ومجالسة الصالحات قد يعينك كثيرا في تخفيف مثل هذه الضغوط النفسية، وعودي إلى نشاطك الدعوي يعد الله إليك صحتك وعافيتك..
وأما أن تكوني قد أصابك شيء من العين أو السحر فهذا أمر وارد أيضا، والرقية الشرعية نافعة على كل حال فينبغي أن تستمري فيها.
وننبهك في الختام إلى أنك إذا خشيت على طفلك أن يصيبه شيء من الضرر من قبلك فاجعليه عند إحدى الثقات من قريباتك وتعهديه برعايتك حتى ييسر الله لك الشفاء. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك شفاء تاما لا يغادر سقما وأن يمتعك بالصحة والعافية.
والله أعلم .