الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى عليك أيتها السائلة أن حق الأم عظيم بل إن حقها هو أعظم الحقوق على الرجل بعد حق الله تعالى وأعظم الحقوق على المرأة بعد حق الله وحق الزوج.
جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
ولا تنسي ما صنعت أمكم معكم من تربيتكم والصبر عليكم وعلى فراق أبيكم فهذا ولا شك جهد مشكور وهو مما يؤكد حقها وبرها ويضاعف فضلها عليكم .
وفي الحقيقة فإن ما فعلته أمك من منعك من المال الذي طلبت, ليس ظلما لك – إذا كان هذا المال خاصا بها فإن مالها لها تتصرف فيه كما تشاء، كما أن لك أن تتصرفي في مالك كما تشائين, ولا يلزم أمك تجهيزك في زواجك بل لا يلزمك أنت تجهيز نفسك شرعا لأن الشريعة قد جعلت جميع ذلك على الزوج وحده, فجعلت عليه المهر والكسوة والمسكن وأثاث السكن ولا تطالب المرأة بشيء من ذلك , وأما ما جرى به العرف في هذه الأيام من أن تساهم المرأة وأهلها في ذلك فلا بأس به , ولكن ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل التبرع والتطوع.
فلا ينبغي أن يضيق صدرك من فعل أمك خصوصا وأنها لم تمنعك مالها في شيء تحتاجينه على سبيل الضرورة بل في شيء أنت غير مطالبة به أصلا.
فهوني عليك الأمر ولا تعطي الأمر فوق قدره، وليكن همك أن تجاهدي نفسك فيما تجدينه من وجد وضيق من أمك بسبب ما حدث, واحذري كل الحذر أن يعظمه الشيطان في قلبك فيجرك هذا إلى عقوق أمك أو التقصير في حقوقها أو بعض حقوقها فحقها عليك عظيم خصوصا وقد نزل بها ما نزل من المرض، واعلمي أن برك بأمك وإحسانك إليها وصبرك عليها خير لك من الدنيا وما فيها.
والله أعلم.