الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطالما أن هذه الفتاة ترغب في الزواج منك وأنت طليق قادر على توفير واجباتها عليك، فإنه لا يجوز لأمها ولا لأبيها ولا لأي أحد من عصباتها أو أرحامها أن يمنعوها من ذلك خصوصا وأنهم قد شهدوا لك بالخلق والدين، وما ذكروه من أسباب تمنعهم من إتمام الزواج – بزعمهم – فهي أسباب واهية غير معتبرة، فإذا منعها أبوها من الزواج منك فهو عاضل، والعضل ظلم ومعصية وهو مسقط لولايته عليها.
قال ابن قدامة في المغني: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.... إلى أن قال: فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا، لأنه لو زوجت من غير كفئها كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. انتهى.
وقال خليل بن إسحاق المالكي: وعليه الإجابة لكفء، وكفؤها أولى، فيأمره الحاكم ثم زَوَّج. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأَوْلى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي. انتهى.
وعلى ذلك فإما أن تنتقل الولاية لمن بعده من الأولياء على الترتيب المذكور في الفتوى رقم: 22277.
أو تنتقل للسلطان أو القاضي مباشرة على خلاف بين أهل العلم.
وعليه فإن رفض الجميع تزويجها منك فعليها بالمحكمة ليتولى القاضي إجبارهم على التزويج أو يزوجها هو دونهم، ولا يجوز لها أن توكل إمام المسجد ولا غيره من المسلمين في حال وجود القاضي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
فإن عدم القاضي عندها يجوز لها أن تولي أمرها لرجل عدل من المسلمين يتولى نكاحها.