الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن واجب الزوج لزوجته أن يوفر لها مسكناً مناسباً، وأن ينفق عليها بالمعروف، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ {الطلاق:6} وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. {الطلاق: 7}.
وليست المرأة مطالبة بالإنفاق ولو كانت غنية، ولكن إذا تبرعت المرأة وأعانت زوجها في النفقة، فلا شك أن ذلك من مكارم الأخلاق وحسن العشرة، وإذا أعسر الزوج بالنفقة فمن حق المرأة أن ترفع أمرها للقضاء وتطلب فراقه لذلك، لكن إن رضيت وصبرت معه، فهو أولى.
قال ابن قدامة: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه، فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. اهـ
وهذا الحق للمرأة نفسها وليس لوليها ، فإذا رضيت المرأة بالبقاء مع الزوج المعسر ، فليس لوليها أن يجبره على طلاقها، وعلى ذلك فإذا كنت راضية بالبقاء مع زوجك على تلك الحال ، فلا حق لأبيك أو غيره في التدخل في علاقتك بزوجك ، إلا بالنصح والمشورة بالمعروف ، والمرأة مطالبة بطاعة زوجها في المعروف ، ولا يحل لها أن تطيع غيره في الانتقال والخروج من بيته إلا بإذنه.
فإن رضي زوجك بانتقالك إلى العمل الذي وفره لك والدك ، وكان عملاً مباحاً، فلا حرج في ذلك، وإن رفض زوجك هذا العمل، فلا يحل لك طاعة والدك، ولا يضرك غضبه منك، فإن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، لكن عليك أن تحسني إلى والديك وتجتهدي في برهما بكل ما تستطيعين من وسائل مشروعة. ونوصيك وزوجك بالتوبة إلى الله، والتعاون على الطاعات واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة ، فإن المعاصي سبب القحط ، والتقوى سبب البركات.
والله أعلم .