الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجمع بين مشتركتي الوقت الظهر والعصر والمغرب والعشاء تقديما في وقت الأولى، وتأخيراً في وقت الثانية رخصة على الراجح من أقوال العلماء، سواء أكان المسافر سائراً أو نازلاً، ولكنه وإن كان جائزاً فتركه وتفريق الصلوات أولى عند الإمكان، وذلك لوجهين، الأول: أن الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم هو التفريق وفعل كل صلاة في وقتها، وإنما جمع أحيانا لبيان جواز الجمع، الثاني: للخروج من خلاف من منع ذلك من أهل العلم، فالحنفية لا يجيزون الجمع إلا في النسك، والمالكية لا يجيزون الجمع للمسافر إلا أن يكون سائراً ووافقهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والخروج من خلاف العلماء أولى، والمسافر مرغب في حضور الجماعة. وانظر في ذلك وفي معرفة السفر المبيح للأخذ بهذه الرخصة الفتوى رقم: 27957.
فإن رغبتم في الترخص بالجمع فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا يلزمكم إعادة العصر إذا حضر وقتها وإن كنتم تسمعون النداء لأن ذمتكم قد برئت منها، فلم تعودوا مخاطبين بها، وقد جمعتموها إلى التي قبلها، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أداء الصلاة الواحدة في يوم مرتين. أخرجه أحمد وأبو داود.
وأما الحديث المذكور فليس له تعلق بمسألتكم، فإنه قد سيق لمن صلى في رحله أو بيته ثم أتى المسجد فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة؛ كما هو لفظ الحديث: إذا صليتما في رحالكما وأتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة. وأما من كان ببيته أو بالطريق ولم يأت المسجد وحضرت الصلاة، وكان قد صلى فلا يشرع له إتيان المسجد.
والخلاصة أن جمعكم جائز، وتركه أولى، وعدم حضوركم الصلاة الثانية في المسجد لا إثم عليكم فيه لما تقدم.
والله أعلم.