الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب نريد لفت الانتباه إلى أنه من الخطأ القول أنه لا حياء في الدين، إذ الحياء شعبة من الإيمان كما في الحديث الشريف، ولعلك تقصدين ما ورد في الحديث الشريف: إن الله لا يستحيي من الحق...
ثم الظاهرُ من حالك أيتها الأخت الفاضلة أنكِ حريصة على الدين معظمةٌ لأمر الصلاة، ونحنُ نهمسُ في أذنكِ قبل الجواب على سؤالك ناصحين لكِ، فاعلمي وفقكِ الله أن حديثكِ مع خطيبك في الهاتف من غير حاجة شرعية وتبادلكما كلمات الحب والغرام مما لا يجوزُ شرعا إذ هو أجنبي عنكِ، فالواجبُ عليكما أن تكفا عن هذا الفعل المحرم وأن تصبرا حتى يمن الله عليكما بالزواج، قال عز وجل مخاطباً نساء النبي وغيرهن أولى بهذا الأمر منهن: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {الأحزاب:32}.
واعلمي أيضاً أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والصور المحركة للغرائز مما لا يجوزُ كذلك، قال الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ {النور 30-31}.
فالواجب عليكِ التوبة إلى الله عز وجل وعدمُ فعل ما نهى عنه، وسيكون انكفافكِ عن هذه المحرمات عاصماً لكِ بإذن الله من ثوران الشهوة وقاطعاً لدابر هذه الوسوسة.
وأما ما سألتِ عنه فاعلمي أن الإعراض عن الوسواس هو أنفع دواءٍ لعلاجه وانظري الفتوى رقم: 66960.
وإذا شككت في خروج المذي فالأصل عدم خروجه فلا تلتفتي إلى هذا الشك، ويزداد هذا الأمر تأكداً مع ما ذكرته من كونك تعانين من الوسوسة، واعلمي أن الشك في انتقاض الطهارة لا يبطلها، لأن الأصل بقاؤها وانظري الفتوى رقم: 31363.
قال ابن باز رحمه الله فيمن شك في خروج المذي: وما دام عندك شك ولو قليلاً ولو واحد في المائة لا تلتفت إلى هذا الشيء، واحمله على الوهم وأنه ليس بصحيح. انتهى.
فإذا تحققتِ من خروج المذي فلا يلزمكِ تبديل ثيابك، وإنما يكفيكِ الاستنجاء، ونضحُ ما أصاب الثياب من المذي ثم الوضوء.
وليس لخروج المذي وقت محدد، والناسُ يتفاوتون فيه قلةً وكثرة، فإذا وجدت القرينة الدالةُ على خروجه من ثوران الشهوة أو التفكر ونحو ذلك، وشعرتِ بخروجه فحينئذٍ يُحكم بكونه مذيا، وتتطهرين منه الطهارة الشرعية المطلوبة، نسأل الله أن يصرف عنك الوسوسة، وأن يعصمكِ من شرها.
والله أعلم.