الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمل بترجمة المواد المباحة من لغة إلى أخرى جائز، ولا حرج في أخذ أجر مقابل ذلك، فما دامت المنفعة مباحة ومعلومة والأجر معلوم فذلك من جملة الإجارة الجائزة شرعاً، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 115922.
ولا حرج في التعامل مع غير المسلمين في ذلك، فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم كانوا يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وإجارة ونحو ذلك من المعاملات، وقد سبقت لنا فتاوى عديدة حول ضوابط التعامل مع الكفار حربيين أو غير حربين، فراجع منها هاتين الفتويين: 1367، 3681.
فإذا كان والدك يتعامل في أشياء غير مباحة أو يخالف الضوابط الشرعية فعليه التوبة من ذلك، ولا شك أن المخالفات الشرعية من أسباب عدم وجود البركة في المال، أما إن كان ملتزماً بالضوابط الشرعية في عمله فقد يكون ذلك محض ابتلاء واختبار، قال تعالى: فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ {الفجر:15-17}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (كلا ) أي ليس الأمر كذلك، فليس كل من وسع عليه رزقه يكون مكرما، ولا كل من قدر عليه رزقه يكون مهانا، بل قد يوسع عليه رزقه إملاء واستدراجا، وقد يقدر عليه رزقه حماية وصيانة له، وضيق الرزق على عبد من أهل الدين قد يكون لماله من ذنوب وخطايا كما قال بعض السلف إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. وقد أخبر الله تعالى أن الحسنات يذهبن السيئات والاستغفار سبب للرزق والنعمة وأن المعاصي سبب للمصائب والشدة... وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنه يبتلي عباده بالحسنات والسيئات فالحسنات هي النعم والسيئات هي المصائب ليكون العبد صبارا شكورا، وفى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. اهـ.
نسأل الله تعالى أن يغنيكم بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه وأن يبارك لكم في أموالكم.
والله أعلم.