الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في شروط الكفاءة في النكاح، والراجح من أقوالهم أن الكفاءة إنما تعتبر بالخلق والدين فقط ولا اعتبار لشيء آخر وراءهما لا مال ولا نسب ولا حرفة ولا صنعة, لقوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13}.
ولقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}.
وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد .
وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو تقوى.
وقد تزوج بلال بن رباح رضي الله عنه وهو حبشي بأخت عبد الرحمن بن عوف، وتزوج سالم وهو من الموالى بهند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة, وتزوج المقداد بن عمرو بضباعة بنت الزبير.
قال ابن القيم – رحمه الله - في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. انتهى كلامه.
وعلى ذلك فصاحب الدين والخلق كفؤ للمرأة مهما كان نسبها أو شرفها أو حسبها أو مالها, وينبغي تزويجه إذا تقدم لها وألا ينظر إلى شيء آخر وراء ذلك .
أما بخصوص ما تذكر من هذه المهن فبعضها معدود في المهن الوضيعة, فقد نص بعض العلماء على أن مهنة الجزار والحجام والحداد مثلا من أصحاب المهن الوضيعة, وأما النجارة فليست كذلك, كيف وهي مهنة نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
على أننا ننبه أن مسألة وضاعة المهن وشرفها مما يختلف باختلاف العرف والمكان والزمان، فما كان وضيعا في زمان ما قد لا يكون كذلك في زمان آخر وعرف آخر.
والله أعلم.