الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا استخار العبد ربه، ووجد انشراحا في صدره، وتيسيرا في أمره، أتمه وأكمله، وإلا أحجم عنه وتركه، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 113682، 1775.
ولا بأس بتكرار الاستخارة أكثر من مرة على الشيء الواحد إذا أحس الإنسان بتردد في نفسه، وأنه لم يوفق لأمر ما بعد.
فعلى أختك أن تتريث قبل قيامها برفض الخطاب هكذا، ولا مانع إذا أحست بشيء من التردد تجاه شخص ما أن تقابله مرة أخرى، فإن التسرع في رد الخطاب ليس بمحمود، لأن قطار الزواج يسير بسرعة، فمن تأخر عنه كثيرا ذهب وتركه وحيدا في محطة العنوسة القاسية.
أما بخصوص ما تذكره من أمر التوكل على الله فهو خير عظيم، فالتوكل من أساس الدين وشعب الإيمان، ولكنه لا ينافي الأخذ بالأسباب الدنيوية كاملة، فقد كان سيد المتوكلين – صلى الله عليه وسلم – يستفرغ الوسع في الأخذ بالأسباب.
وأما الحديث الذي تستدل به فهو يدل على جواز بل استحباب نظر الرجل للمرأة التي يريد الزواج بها، ونظر المرأة إلى الرجل الذي يريد الزواج منها، وقد علل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقول: فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. ومعناه أي تكونَ بينكما المحبَّة والاتْفَاقُ. وعلى ذلك فلو أنها قصدت بالاستدلال بهذا الحديث أنها نظرت إليه فلم يعجبها ولم تسترح إليه فأعرضت عنه لذلك فهو استدلال صحيح؛ لأن هذا هو مقصود النظر، جاء في سبل السلام: ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة فإنها تنظر إلى خاطبها فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها. انتهى.
أما قولك: هل لا بد من الراحة المبدئية تجاه الرجل؟ فنقول: لا تشترط الراحة المبدئية، فلرب رجل نفرت منه المرأة لأول وهلة وكرهت الزواج به، فإذا تكرر منهما اللقاء ودار بينهما الحديث بالضوابط الشرعية استراحت إليه وقبلته واغتبطت به.
والخلاصة أنه لا ينبغي لأختك أن تتسرع في رد الخطاب، بل عليها أن تتروى، وأن تكرر الاستخارة والاستشارة وألا تعول على أول انطباع، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز لكم أن تجبروها على الزواج ممن لا تريد؛ إذ لها الحق في اختيار زوجها.
والله أعلم.