الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحق لزوجك أن يسترجع هذه الهبات التي وهبها لك ولأهله؛ لعموم الأدلة القاضية بالمنع من رجوع الواهب في هبته، لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. متفق عليه.
وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، وأما الأحناف فإنهم وإن قالوا بصحة رجوع الواهب عما وهبه مع الكراهة بشرط أن يكون ذلك بتراض أو حكم حاكم إلا أنهم جعلوا الزوجية مانعا من جواز الرجوع، جاء في البحر الرائق: أي الزوجية مانعة من الرجوع ( في الهبة) لأن المقصود فيها الصلة أي الإحسان كما في القرابة. انتهى.
وكذا هبة الشخص لرحمه المحرمة فإنها من المواطن التي لا يجوز فيها الرجوع عندهم، جاء في العناية شرح الهداية: وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها، ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل. انتهى.
فبان بهذا أنه لا يحل لزوجك الرجوع فيما وهبه لك ولا فيما وهبه لأرحامه عند أصحاب المذاهب الأربعة، وما وقع عليه من احتيال لا يسوغ له الرجوع لأنه وقت تصرفه في الهبة كان أهلا للتصرف وصادف تصرفه محله فلم يجز له الرجوع.
ولكنا مع ذلك ننبه على أمرين:
الأول: يستحب لك أن تعطيه ما سأل وأن تبذلي له هبته هذه لأنه في موطن حاجة وفاقة وضيق وكرب، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
الثاني: لا يصح أن تجعلي هذه الهبة عوضا عما منعك منه من العمل لأن عمل المرأة وخروجها من البيت لا يجوز إلا بإذن الزوج، فلو منعها فليس لها مخالفته ولا يجوز لها أن تطلب على ذلك عوضا.
والله أعلم.