الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أخرجه المرء من ماله على سبيل التقرب إلى الله لا يجوز له استرجاعه، فقد جاء في الصحيحين: أن عمر رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله، فظن أن من أخذه سيضيعه ويبيعه برخص، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في شرائه فلم يأذن له، وقال: لا تأخذه ولو أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه. فإن كان هذا الذهب قد خرج من ملكك فعلاً وتملكه من وهب له لم يجز لك الرجوع في صدقتك، ولو بالشراء ممن تصدق عليه به.
وأما إن كان الذي حصل هو مجرد نية منك والذهب لم يزل في ملكك فإن الصدقة لا تلزم بالنية، كما بينا في الفتوى رقم: 57069 وغيرها.. وحينئذ يجوز لك إخراج قيمته مكانه، فهو أولى بالجواز من ترك إخراجه أصلاً..
قال في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: ومن أخرج شيئاً يتصدق به أو وكل في ذلك، أي الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب، لأنه لا يملكه المتصدق عليه إلا بقبضها، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان إذا أخرج طعاماً لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر. انتهى..
وإذا كنت قد تلفظت بلفظ الهبة بلسانك وأنت تريدين أنك ستتصدقين به لم يتخلف الحكم بذلك عند الجمهور ولم تلزمك الصدقة.
والله أعلم.