الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزنا من أكبر الكبائر التي حرم الله، ونهى عباده عنها، وعن مقدماتها وأسبابها، فقال سبحانه: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا . {الإسراء: 32}
وإسقاط الجنين محرم أيضا، وهو من الإفساد في الأرض وإهلاك النسل، والله لا يحب الفساد، ولا يجوز للمرأة إسقاط الجنين مطلقاً، ولو كان نطفة لم تمر عليه أربعون يوماً إلا لضرورة أو حاجة معتبرة ، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 991.
وعلى من أسقطه بعد مرحلة نفخ الروح دية، وهي غرة: عبد أو أمة، وكفارة وهي: صيام شهرين متتابعين، كما في الفتوى رقم 13171.
فبان من هذا عظم جرم هذه المرأة بما اقترفته من الفاحشة والاعتداء على ما خلق الله في رحمها من أجنة، خصوصا وقد تكرر منها هذا الفعل مرتين: مرة من زواج، وأخرى من سفاح، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شخصية مستهترة جريئة على حدود الله وحرماته.
ولا ندري ما هو قصدك من قولك : إننا عصينا الله أكثر من مرة، فإن كنت تقصد أنك قارفت الفاحشة مع هذه المرأة فقد ظلمت بهذا الفعل نفسك، وأغضبت ربك، وشمّت فيك عدوك، وما هذا إلا نتيجة حتمية لعلاقتك بهذه الفتاة والتي زينها لك الشيطان على أنها علاقة بريئة بها وبعائلتها, ثم تعدى الأمر هذه الحدود حتى قصّت عليك خصوصيات حياتها، وما كان منها من مقارفة للفواحش، وما دامت العلاقة قد وصلت إلى هذا الحد فليس بين أصحابها وبين اقتحام حدود الله إلا كلمح بالبصر أو هو أقرب، جاء في كتاب الفروع : من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهداً. انتهى.
فبادر بالتوبة إلى الله والتضرع إليه أن يغفر زلتك وأن يقيل عثرتك، واقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة لعل مولاك يرى صدقك فيرحمك.
فإذا اطمأن قلبك بالتوبة وذاق حلاوة الإيمان والأوبة، فابحث عن زوجة ذات دين وخلق، تعينك على طاعة ربك، وابتعد عن هذه المرأة التي كانت سبب عطبك وهلاكك.
واعلم أنه لا يجوز لك أن تتزوجها وهي على هذه الحال، إلا إذا تابت توبة صادقة نصوحا، لأن نكاح الزانية محرم، فإن تيقنت توبتها وصدقها فيها فيمكنك حينئذ الزواج منها.
والله أعلم