الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حيث الحكم الشرعي- حسب ما ظهر لنا من السؤال- لا تخلو المعاملة المسؤول عنها من حالات:
الأولى: أن يكون الوالد في حال صحته وحياته قد وهب لولده علو بيته ليبني عليه كذا وكذا، فالهبة صحيحة في القدر الموهوب فقط،، ويتملك الموهوب له الهبة كسائر ملكه بشرط أن يكون لهذه الهبة مسوغ، أو يكون ساوى بين الموهوب له وبين غيره من أولاده في العطية، وأما ما أحدثه زيادة على ما وهب له فذلك يعتبر غصبا، وللورثة تخييره بين هدم ما بناه في حقهم أو الإبقاء عليه ودفع قيمته منقوضا، وراجع الفتوى رقم: 71323، والفتوى رقم: 73972، وما أنفقه في حال كونه غاصبا يذهب هدرا.
الحالة الثانية: أن تكون الهبة في مرض موت الوالد، -ومرض الموت هو: المرض المخوف الذي اتصل به الموت- فالهبة فيه تأخذ حكم الوصية باتفاق الفقهاء، وبما أن الولد وارث فالوصية له لا تصح حتى يجيزها الورثة، فإن لم يجزها الورثة كانت باطلة لا أثر لها، ويعامل فيما أنفقة في هذه الحالة معاملة الغاصب كما تقدم.
الحالة الثالثة: أن يكون الوالد أذن له في البناء دون أن يصرح أنها هبة، أو دون تصريح بالتمليك.
فهنا إذا لم يدل العرف على أن هذا التصرف من الوالد هبة فيكون حكمه حكم العارية، والعلماء مختلفون فيما يؤول إليه أمر البناء في العارية.
جاء في الأم للشافعي: قال الشافعي رحمه الله: وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا، ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه.
وثمت أقوال وتفصيل لأهل العلم في هذه المسألة ليس المقام مقام سردها، والذي ننصح به هو رفع الأمر إلى القاضي الشرعي حتى يأخذ كل ذي حق حقه.
والله أعلم.