الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا علق الرجل طلاق زوجته على فعل شيء، فإنها تطلق بفعل هذا الشيء عند جمهور العلماء، سواء قصد الزوج الطلاق أو التهديد، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنه إن قصد به التهديد فلا يقع الطلاق بفعل المحلوف عليه، وإنما فيه كفارة يمين.
أما عن سؤالك فإن حلف زوجك أنك تطلقين إذا وضعت السيجارة في فمك، الظاهر أن المراد منه المنع من التدخين، وليس مجرد وضع السيجارة في الفم، والأصل في الأيمان أنها تحمل على النية، وليس على ظاهر اللفظ، قال ابن قدامة في الكافي: ومبنى الأيمان على النية فمتى نوى بيمينه ما يحتمله تعلقت يمينه بما نواه دون ما لفظ به. اهـ. وعلى ذلك فما فعلته من التدخين دون وضع السيجارة في الفم يقع به الطلاق، لكن ما دمت فعلت ذلك متأولة أن اليمين تحمل على ظاهر اللفظ، فالراجح عدم وقوع الطلاق في هذه الحالة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ... قد يفعل المحلوف عليه ناسياً، أو متأولاً، أو يكون قد امتنع لسبب، وزال ذلك السبب، أو حلف يعتقده بصفة فتبين بخلافها، فهذه الأقسام لا يقع بها الطلاق على الأقوى.
أما المرة التي وضعت فيها السيجارة في فمك، فقد فعلت المحلوف عليه، فعلى قول الجمهور قد وقع الطلاق، لكن إذا كان زوجك قد سأل أهل العلم الموثوقين فأفتوه بعدم وقوع الطلاق ووجوب كفارة يمين، فلا حرج في ذلك لأنه قول معتبر قال به بعض أهل العلم المحققين، وعلى ذلك فلا تزالين زوجته ومعاشرته لك حلال، لكن ننبه السائلة إلى أن التدخين أمر محرم لما فيه من الأضرار البليغة، وانظري لذلك الفتوى رقم: 1819.
فيجب عليك أن تتوبي إلى الله مما سبق، بترك التدخين والندم على ما فات والعزم على عدم العود مع الاستعانة بالله، والإكثار من الأعمال الصالحة، وخاصة الصلاة والذكر والدعاء، مع الحرص على الأذكار المشروعة في الصباح والمساء وعند النوم، ومعاشرة زوجك بالمعروف والتعاون معه على طاعة الله واجتناب المعاصي.
والله أعلم.