جاءته الوساوس يوم عقد نكاحه فتزوج وهو يدافعها

17-3-2009 | إسلام ويب

السؤال:
في يوم زواجي أصابني شك في ديني، أو انعدام في الإيمان، فأخذت أقرأ القرآن وأبكي، وذهبت إلي شيخ يعالج بالقرآن، وخفت أن أصف له حالتي فطلبت منه أن يقرأ علي شيئا يبعد الشيطان، فأعطاني ورقا لأقرأه وورقا لأبلعه، ففعلت الاثنين، وأخذت أقرأ القرآن وأبكي، وقد أزال الله من قلبي تصديقي به لكثرة معاصي فظننت أن أي شخص يمكن أن يؤلف مثله، ولا أذكر إن كان هذا الكلام في نفسي أو بلساني، ثم أكملت قراءة وبكاء، وطلبت من شيخ المسجد أن يدعو لي بالإيمان فدعا لي، و دعا لي والدي ووالدتي أيضا، وأخذت أقرأ قرآنا وأدعو والشك لم يذهب أبداً، فحاولت تأجيل كتب الكتاب لأنه سيكون باطلا فلم أستطع، وفي النهاية تم كتب الكتاب وأنا ممسك بالمصحف في يدي، وأنا لا أدري ما أقول من كثرة الضيق في الصدر والشك والخوف، فهل هذا الزواج صحيح، أم يجب إعادته مرة أخرى؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزواج صحيح إن شاء الله، لا غبار عليه ولا شك في صحته. وإياك أن يستزلك الشيطان ويستدرجك فيشكك في صحته فتدخل بذلك في نفق مظلم يكون شؤماً ووبالاً عليك وعلى زوجتك وعلى أهلكم أجمعين، فاستعذ بالله من شره وهمزه ونفثه... وأما ما كان منك من شك في كتاب الله، فالذي يظهر من حالك أنك كاره له أشد الكره نافر منه أعظم النفور، ساع لدفعه عنك بكل سبيل، وطالما كان هذا حالك وكان الأمر مجرد وساوس في الصدر فلا يضرك هذا، بل هو إن شاء الله صريح الإيمان، لأن المؤمن يكره ما يناقض الإيمان ويبغضه، بخلاف المنافق فإنه يفرح والعياذ بالله بضلاله وآثامه ويطمئن إليها ويدافع عنها، ولذا فإنه لما وجد بعض الصحابة رضوان الله عليهم شيئاً من ذلك وشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أو قد وجدتموه، ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

جاء في شرح النووي على مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. انتهى.

وجاء في كتاب الإيمان لابن منده: ذكر ما يدل على أن الوسوسة التي تقع في قلب المسلم من أمر الرب عز وجل صريح الإيمان... عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أجد في نفسي الحديث لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. انتهى.

فتأمل كيف جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بغض الشخص لهذا الذي يجده في صدره وتحرجه من الكلام به هو محض الإيمان، وعلى ذلك فإن إيمانك لا يتأثر بهذه الوساوس -إن شاء الله- طالما أنك كاره لها، بل لعل هذا باب من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس قد فتحه الله لك ليرى صبرك وثباتك على دينه، وننصحك للاستعانة على ما أنت فيه بما يلي:

1- أن تكثر من الصلاة وذكر الله والدعاء والتضرع إليه سبحانه أن يصرف عنك هذا البلاء.

2- أن تعرض عن هذه الوساوس ولا تسترسل معها، فإن أعظم علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله سبحانه هو الإعراض عنها جملة واحدة والانصراف عن التفكير فيها.

3- أن تقبل على تعلم أمور الدين وعظمة الشريعة وبركتها وحكمتها، فإن من جهل شيئاً عاداه، والجاهل بأحكام الله سبحانه وأمره قريب من الشيطان، فما أيسر أن يوسوس له وأن يضله بخلاف العالم المتعلم، فإن الله يعصمه بالعلم، فإذا أقبلت على دراسة العلم ومعرفة عظمة القرآن وحكمته وإعجازه اطمأن قلبك وأخبت إلى ربه، قال سبحانه: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {الحج:53-54}.

والله أعلم.

www.islamweb.net