الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي هداك إلى معرفة ما كان منك من خطأ ورزقك الندم عليه، فإن الندم على الذنب أمارة خير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود وصححه الألباني. وما كان من زوجك وغضبه من ذلك فلا يلام عليه، بل غضبه في محله وهو مأجور عليه إن شاء الله، لأنه يدل على غيرته، والغيرة من الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أغير من الله عز وجل، لذلك حرم الفواحش ما ظهر وما بطن. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية: المؤمن يغار، والله أشد غيرة. رواه البخاري ومسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني. رواه البخاري ومسلم.
وإنما اللوم على من لامه، والحرج على من خطأه، ونعني بذلك أهلك الذين كانوا سبباً في تفاقم الأمور ووصولها إلى ما وصلت إليه، وليتهم إذا فعلوا وقفوا عند هذا الحد، بل إنهم لم يقنعوا حتى وقعوا في كبيرة من أعظم الكبائر وأشنعها وهي القول على الله بغير علم، وذلك في قولهم (إنه أمر عادي) والله سبحانه يقول: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116}، ألا فليتقوا الله وليتوبوا إليه مما كسبوه، وليحذروا الكلام على الله بغير علم، فرب كلمة لا يلقي لها صاحبها بالا لا تدعه حتى تقذفه في قعر جهنم، جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم.
وأما ما كان من حلف زوجك بالطلاق على عدم دخول بيت أهلك فقد أخطأ في ذلك من وجهين:
الأول: أنه حلف بالطلاق والحلف لا يكون إلا بالله.
الثاني: أنه حلف على أمر غير جائز، فإنه لا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من أرحامها عموما ومن والديها خصوصاً.
أما حكم حلفه هذا، فإن كان قصده منه إيقاع الطلاق عند حصول ما حلف عليه وهو دخولك بيت أهلك، فإن الطلاق يقع بدخولك بيتهم، وأما إن قصد معنى آخر كالزجر -مثلاً- فإن الطلاق يقع أيضاً بدخولك على رأي جمهور العلماء، وذهب آخرون إلى أنه لا يقع في هذه الحالة بل تلزمه كفارة يمين، وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. وراجعي في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19562، 77666.
والرأي الراجح -لدينا- هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من وقوع الطلاق عند حدوث المحلوف عليه مهما كانت نية الحالف.
والله أعلم.