الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الفقهاء تعددت أقوالهم في الضابط الذي تدرك به تكبيرة الإحرام، فقيل تدرك بالاشتغال بالتحريم عقب إحرام إمامه مع حضوره تكبيرة إحرامه، فإن لم يحضره أو تراخى عنه فاتته. وقيل تحصل بإدراك بعض القيام لأنه محل التحرم. وقيل بإدراك أول ركوع أي بالركوع الأول كما في تحفة المحتاج للهيتمي الشافعي. وذهب بعض العلماء إلى أنها تدرك بالتكبير قبل أن يشرع الإمام في الفاتحة.
قال الشنقيطي في شرح الزاد: وأما الضابط في إدراك تكبيرة الإحرام فالصحيح أن الضابط هو أن يدركها قبل أن يبدأ بقراءة الفاتحة فإذا كبر الإمام وأدركت التكبيرة قبل أن يبدأ الإمام بقراءة الفاتحة فأنت مدرك لفضل هذه التكبيرة، فإذا كانت الصلاة سرية كصلاة الظهر والعصر فإنهم قالوا يقدر الزمان فإن قدر زمنا يقرأ فيه الإمام بدعاء الاستفتاح فإنه حينئذ إذا وقع تكبيرة في ذلك الزمان أدرك وإلا فلا. انتهى.
وعلى هذا فما أدرك فيه الأخ السائل التكبير مع الإمام قبل أن يشرع في القراءة فقد أدرك تلك الفضيلة، وإلا فقد فاتته. والحالات التي تذكر أنه على غير وضوء قد فاتته فيها فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام، وليحرص على إدراكها مستقبلا والله تعالى قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}
ولا ينبغي أن تصلي حاقنا أو تسرع في المشي لأجل إدراك تكبيرة الإحرام.
قال في تحفة المحتاج: ولو خاف فوت التكبيرة لو لم يسرع لم يسن له الإسراع، بل يمشي بسكينة كما لو أمن فوتها لخبر: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. انتهى.
وانظر في الفتوى رقم: 117817، وأما التكبير دون الصف لأجل إدراك فضيلة التكبير مع الإمام فإننا لم نجد فيه كلاما للفقهاء إلا ما ذكروه من أن من خشي فوات ركعة إن هو مشى إلى الصف فإنه يكبر ثم يدب راكعا إلى الصف كما هو قول المالكية، ومفهوم هذا أنه لا يكبر دون الصف إذا لم يخش فوات الركعة.
والله أعلم.