الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن الزواج من سنن المرسلين، وقد حث النبي –صلى الله عليه وسلم- الشباب من هذه الأمة على الزواج كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى وجوب الزواج على المستطيع مطلقا لظاهر الأمر، وهو قول الظاهرية، وذهب بعض العلماء إلى وجوبه على من يخشى العنت.
ومنزلة الزواج في الإسلام عظيمة بلا شك، ولكن هذا الخطيب لم يصب حين ضبط ذلك بالثلاثين فما فوقها, فلا دليل نعلمه على اعتبار سن الثلاثين حدا يذم من لم يتزوج إذا بلغه، بل كل من استطاع الباءة فهو مأمور بالزواج بلغ الثلاثين أو لم يبلغها, وأخطأ هذا الخطيب أيضا في إطلاقه ذم من لم يتزوج بعد بلوغ الثلاثين، فإن كثيرا من الناس ممن فيهم خير وصلاح لا يتزوجون بعد مجاوزة هذا السن لأسباب كثيرة، ربما يكون منها عجزهم عن الباءة، أو اشتغالهم بما يرونه أفضل من النكاح, وكثير من أهل العلم الفضلاء الذين أثروا في الأمة أثرا عظيما مات ولم يتزوج كالنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية. فإطلاق ذم من لم يتزوج بعد بلوغ الثلاثين خطأ ومجازفة بلا شك.
ونرى أن من حاولوا إزاحته عن منصبه قد أخطأوا كذلك ، فكان الأولى بهم أن يناصحوه ويبينوا له خطأه، ويطلبوا منه أن يجتهد في إعداد خطبته، وأن يصدر فيها عن كلام أهل العلم، وألا يتكلم إلا بما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة.
والله أعلم.