الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الورثة سداد دين الميت قبل قسمة التركة، وينبغي المبادرة إلى ذلك لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، ولا فرق في الديون بين ما كان منها باسم الميت أو باسم مؤسسته، وجميع الديون تحل بموت الغريم.
قال خليل: وحل به (يعني الفلس) أو بالموت ما أجل. وقال السرخسي في المبسوط: لأن موت المديون سبب لحلول الأجل وتوجه المطالبة بقضاء الدين. اهـ
وإذا تحمل شخص ما تلك الديون لأصحابها أو اتفق الورثة على سدادها مقسطة ونحوه، فإن ذلك لا يخلص الميت من ورطة الدين حتى يتم السداد، لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه،فقلنا: تصلي عليه. فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد فقال: قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته. وصححه الأرنؤوط.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. اهـ
وما دام للميت مال، فليزم السداد عنه من ماله قبل قسمته على الورثة، ولا حاجة إلى تحمل الغير عنه.
والله أعلم.