الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاستبعاد البعض لرجوع الحياة الإسلامية من جديد خطأ كبير، ويخشى على صاحبه أن يكون قد وقع في اليأس من رحمة الله، وهو عادة يرجع إلى عدة أسباب، منها:
تغلب الباطل في هذا الزمان: فكثير من الناس إذا رأى انتفاش الباطل وغلبته، ظن أنه لن تقوم للحق قائمة بعد ذلك، وهذا من الجهل بسنن الله الكونية، وعدم قراءة التاريخ: فإن النصر له سننه، فإذا تمسكت الأمة بدينها وأخذت بأسباب النصر، فإنه قادم لامحالة؛ لقوله تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ .{ الروم: 47} .وقال عز وجل: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ.{المائدة: 56}. وقال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور: 55}.
والمتأمل في التاريخ يجد فيه صفحات مظلمة مرت بها أمتنا ثم تجاوزتها والحمد لله، وذلك كسقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية في أيدي التتار، وكذلك تسلط الدولة الفاطمية ثم سقوطها وظهور أهل السنة، وكالحروب الصليبية، واحتلال بيت المقدس عشرات السنين إلى أن حرره صلاح الدين، وغير ذلك من المحن، ولكن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة.
ومن الأسباب أيضا:
ضعف الإيمان بوعد الله، والجهل بالنصوص المبشرة بنصر الإسلام، والتي منها :قوله عليه الصلاة والسلام: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. رواه أحمد والبيهقي في دلائل النبوة، وصححه الألباني.
ولقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحق لن يزال ظاهرًا حتى في زمن غربة الإسلام على يد طائفة منصورة، فقال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله. رواه مسلم.
وهناك مبشرات كثيرة سبق ذكرها في الفتوى رقم: 32949، فارجع إليها.
والله أعلم.