الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك أيها السائل بمزيد من الصبر والحلم على زوجتك، وأن تنوع لها في أسباب الدعوة والإرشاد بما يتناسب مع طبيعتها واهتماماتها, ومن أنجع هذه الوسائل أن تربطها ببعض الأخوات الصالحات اللاتي يتقين الله، فهؤلاء- إن شاء الله- سيكن خير عون لها على القيام بأمر الله سبحانه, واحرص دائما أن يكون أسلوبك معها في الإرشاد والوعظ رفيقا رقيقا فقد قال الله سبحانه لنبيه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. {آل عمران: 159}
أما ما تشكو منه من تأثرها وأولادك ببيئة أهلها فهذا يمكن علاجه بأن تمنعها من زيارة من تخشى عليه إفسادها حتى ولو كانوا أرحامها, وأن تمنع أولادك كذلك من زيارتهم.
أما رفضها أن تنتقل معك إلى حيث تريد فهذا لا يجوز، لأن المرأة يجب عليها الانتقال مع زوجها حيث انتقل, قال مالك في المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت. انتهى.
ولكن هذا الانتقال لا بد له من شروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 72117.
فإن رفضت الانتقال معك فهي ناشز، وقد بينا حكم الناشز وكيفية التعامل معها في الفتوى رقم: 1103.
فإن تمادت في نشوزها فلك أن تطلقها حينئذ، فإذا طلقتها وانتقلت للإقامة في مكان آخر فأنت أحق بحضانة الأولاد, سواء على القول بأن الأب هو الأحق بحضانة أولاده عند سفره سفر نقلة، أو على القول بمراعاة مصلحة الطفل في ذلك, فإن مصلحتهم ولا شك في البقاء مع من يؤدبهم ويعلمهم أمور دينهم.
قال ابن القيم بعد ذكر أقوال العلماء في المسألة: وهذه أقوالٌ كُلها كما ترى لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلبُ إليه، فالصوابُ النظر والاحتياط للطفل في الأصلح له والأنفع مِن الإِقامة أو النقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له وأصونَ وأحفظَ، روعي، ولا تأثيرَ لإِقامة ولا نقلة. انتهى من زاد المعاد.
على أننا نوصي السائل بالتريث، وعدم الاستعجال والتفكير قبل الإقدام على الطلاق، فإن الطلاق على افتراض أنه الأولى فإنه قد لا يحقق ما يصبو إليه من تربية أبنائه حيث أراد ، وعزلهم من البيئة الفاسدة حسبما ذكر، فإن مسألة حضانة الأولاد من المسائل الخلافية، وقد لا ترى المحكمة الشرعية انتزاع الأبناء من أمهم لغرض كهذا.
والله أعلم.