الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقال السعدي: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأن أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفة كمال وعظمة، وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، فليس كمثله شيء، لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه. اهـ.
وقال ابن كثير: أي: ليس كخالق الأزواج كلها شيء؛ لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له. اهـ.
وقال البغوي: مثل. صلة، أي: ليس هو كشيء، فأدخل المثل للتوكيد، كقوله: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به.(البقرة: 137). وقيل: الكاف صلة، مجازه: ليس مثله شيء. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس له نظير. اهـ.
وقال الألوسي: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء } نفى للمشابهة من كل وجه، ويدخل في ذلك نفي أن يكون مثله سبحانه شيء يزاوجه عز وجل، وهو وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها.
أو المراد ليس مثله تعالى شيء في الشؤون التي من جملتها التدبير البديع السابق، فترتبط بما قبلها أيضا.
والمراد من مثله ذاته تعالى، فلا فرق بين ليس كذاته شيء وليس كمثله شيء في المعنى، إلا أن الثاني كناية مشتملة على مبالغة، وهي أن المماثلة منفية عمن يكون مثله وعلى صفته، فكيف عن نفسه. وهذا لا يستلزم وجود المثل إذ الفرض كاف في المبالغة، ومثل هذا شائع في كلام العرب نحو قول أوس بن حجر:
ليس كمثل الفتى زهير خلق يوازيه في الفضائل.
وقول الآخر:
وقتلى كمثل جذوع النخيل تغشاهم مسبل منهمر.
وقول الآخر:
سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم ما أن كمثلهم في الناس من أحد.
وقد ذكر ابن قتيبة وغيره أن العرب تقيم المثل مقام النفس، فتقول: مثلك لا يبخل. وهي تريد أنت لا تبخل، أي على سبيل الكناية وقد سمعت فائدتها. اهـ.
والله أعلم.