الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليكِ في رفع يديكِ بالدعاء، بل هذا مشروع في كل وقت، ولا حرج عليكِ كذلك في الادهان بهذا الدهن، وإن كنتِ مستيقظةً من النوم، لكن يُكره لكِ استعمالهما عند الجمهور إذا شككتِ في وجود النجاسة على يدكِ، وما سمعته من مشروعية غسل اليدين ثلاثاً عند القيام من النوم صحيح، لحديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ منَامِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّ أحَدُكُمْ لاَ يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.، وقد فصلنا اختلاف العلماء في هذا الحكم هل هو على الوجوب أو الاستحباب في الفتوى رقم: 36103.
وقول الجمهور من العلماء أن ذلك على الندب، وليس على الوجوب، والتعليلُ بالشك في حصول النجاسة على اليد، هو تعليل أكثر العلماء، قال الشوكاني في نيل الأوطار: ويدل على هذا (أي على أن الحكم في الحديث للاستحباب لا الوجوب) ما ذكره الشافعي وغيره من العلماء أن السبب في الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك. انتهى.
وعليه؛ فإن من لم يشك في وجود النجاسة عند استيقاظه من النوم، لا يكره له غمس يده في الإناء، ومن شك في وجودها كُره له غمسها، ولو حال اليقظة.
قال النووي: وحكي عن أحمد في رواية أنه إن قام من نوم الليل كره له كراهية تحريم، وإن قام من نوم النهار كره له كراهة تنزيه قال: ومذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بل المعتبر الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء كان قام من نوم الليل أو النهار أو شك. انتهى.
وعلى هذا فلا حرج عليكِ إذا استيقظتِ من نومك في أن ترفعي يديكِ بالدعاء، ولا في أن تدهني بأي نوعٍ من أنواع الأدهان، لكن ينبغي لك إذا شككتِ في وجود النجاسة أن تغسلي يديك ثلاثاً قبل استعمال هذا الدهن.
وأما من قال إن الحكم في الحديث تعبدي غير معقول المعنى، كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم، فإن النهي على هذا القول إنما هو عن غمس اليد في الإناء، فلا يُقاس عليه وضع اليد في الدهن لأجل استعماله.
وعلى هذا الرأي فلا يُكره لكِ ما سألتِ عنه من رفع اليدين بالدعاء الذي هو مستحبٌ على كل حال، ولا من الادهان بهذا الدهن.
والله أعلم.