الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل أن القاضي هو الذي يزوج هذه الفتاة ما دام أولياؤها ليسوا بمسلمين, ولكنها إن خافت إن وصل الأمر للقضاء أن ينتشر الخبر وتتعرض لفتنة في دينها, فإن عليها أن توكل رجلا مسلما ثقة مأمونا ليزوجها من هذا الرجل الذي أسلمت على يديه في حضور شاهدين.
جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: وإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. انتهى.
وإن جعلت أمرها إلى ذلك الرجل الذي تريد الزواج به ليزوجها من نفسه فنرجو ألا يكون به بأس وإن كان خلاف الأولى, وإنما قلنا إنه خلاف الأولى لأن هذه المسألة خلافية, فلو وكلت أجنبيا يزوجها فقد خرجت من الخلاف, جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: واختلفت الرواية في المرأة تسلم على يد رجل، فقال في موضع: لا يكون وليا لها، ولا يزوج حتى يأتي السلطان، لأنه ليس من عصبتها، ولا يعقل عنها، ولا يرثها فأشبه الأجنبي، وقال في رواية حرب في امرأة أسلمت على يد رجل: يزوجها هو، وهو قول إسحاق، وروي عن ابن سيرين أنه لا يفعل ذلك حتى يأتي السلطان، وعن الحسن أنه كان لا يرى بأسا في أن يزوجها نفسه. انتهى.
ولكن الذي ينبغي التنبيه عليه أنه لا بد من الشهود على كل حال, وإلا فسد العقد.
وما ذكرنا من أحكام يستوي فيه الزواج المعروف، وزواج المسيار، إذا توفرت فيه شروط الصحة، ولا حرج فيه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3329.
أما بخصوص الاتفاق على عدم الوطء، فإن كان الأمر مجرد تراض عليه هكذا نظرا للظروف فلا بأس بذلك ولا حرج فيه, أما إذا كان هذا على سبيل الشرط, فقد اختلف العلماء في ذلك، والراجح ما ذهب إليه الحنابلة من أنه يبطل الشرط ويصح العقد, جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا شرط الزوجان أو أحدهما الخيار في النكاح أو في المهر، أو شرطا أو أحدهما عدم الوطء ، أو ......... ففي هذه الصور كلها يبطل الشرط لأنه ينافي مقتضى العقد، ويتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده فلم يصح، كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع، ويصح العقد لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به فلم يبطله، ولأن النكاح يصح مع الجهل بالعوض، فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق. انتهى من الموسوعة الفقهية نقلا عن كشاف القناع بتصرف.
وعلى ذلك فلا حرج إذا ما حصل الوطء حينئذ.
والله أعلم.