الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت أيها السائل في علاقتك مع هذه الفتاة عبر النت، وكون العلاقة قاصرة على هذا القدر دون لقاء أو غيره لا يسوغ استمرارك فيها؛ لأن مجرد هذه العلاقة محرمة ولا تجوز، فعليك بالتوبة إلى الله سبحانه عما كان منك، وأن تقطع علاقتك بها فورًا قبل أن يستزلك الشيطان إلى ما لا تحمد عاقبته.
أما بخصوص والد هذه الفتاة فإن كان ما نقلته عنه صحيحا من كونه يسب الله ورسوله فهو مرتد عن الدين خالع لربقة الإسلام من عنقه، ولا ولاية له على ابنته في زواجها، لكن الحكم عليه بالردة ليس إليك وإنما إلى القضاء.
يبقى بعد ذلك النظر في كيفية تخلصها من عضله، والذي نراه في هذا الوضع هو أن تلجأ إلى القضاء والسلطات لرفع عضله، ثم لحمايتها من انتقامه بعد ذلك، وعليها أن تلح عليهم في ذلك ولا تغادر مكانها حتى يضمنوا لها السلامة والحماية اللازمة، ولا نظن أنه سيقدم على إيذائها إذا وصل الأمر إلى السلطات.
ويمكنها مع ذلك أن تعرض أمرها على بعض أهل العلم أو الدعاة الذين يتمتعون بنفوذ وتأثير فستجد لديهم - إن شاء الله - عونا لها ومخرجا.
فإن خافت أيضا - بعد هذه الاحتياطات - من انتقامه أو بطشه فعليها أن تغادر بيته وتسكن مع غيره من عصباتها أو أرحامها، وكونهم في خلاف وقطيعة مع والدها لن يمنعهم إن شاء الله من مساعدتها في مثل هذه الظروف .
وعليها أن تكثر من الدعاء والابتهال والتضرع إلى الله سبحانه أن يصرف عنها هذا الكرب، وأن يجعل لها فرجا ومخرجا.
أما ما سألت عنه من سفركما لبلد آخر وإتمام عقد الزواج هناك، فهذا لا يجوز لما يكتنفه من المخالفات الشرعية الصريحة، ومنها سفرها بدون محرم، وهذا حرام كما بيناه في الفتوى رقم: 6693 .
وكذا تزويج المرأة نفسها بدون ولي فإنه لا يجوز على الراجح من أقوال أهل العلم حتى ولو عضلها وليها، وإنما القاضي هو الذي يزوجها في حال عضل الولي. على ما بيناه في الفتوى رقم: 7759 .
ولها حينئذ أن تتزوج بمن شاءت ما دام كفؤا لها، وطالما أنه قد آل أمر تزويجها إلى القضاء فإنه لن يمكنك الزواج بها إلا اتبعت الإجراءات الرسمية واستصدرت هذا التصريح المطلوب.
والله أعلم.