الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا أحكام الصفرة والكدرة السابقة للحيض والتالية له في فتاوى كثيرة.. وخلاصة ما نرجحه في هذه المسألة أن الصفرة والكدرة بعد رؤية الطهر وقبل الحيض لا تعد حيضاً؛ لحديث أم عطية عند أبي داود: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً. وعليه فما ترينه قبل الحيض بأيام من صفرة أو كدرة فليس ذلك بحيض، بل له حكم الاستحاضة فيلزمك الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت، وتصومين وتصلين ويأتيك زوجك.. وانظري لذلك الفتوى رقم: 6625.
وأما ما ترينه من صفرة وكدرة بعد انقضاء الحيض، فإن كان متصلاً بالدم قبل رؤية الطهر فهو حيض، ما لم يتجاوز مجموع الدم وما اتصل به خمسة عشر يوماً، وإن كان بعد رؤية الطهر فلا يكون حيضاً إلا إن رأته في زمن العادة، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتوى رقم: 117502.
وعليه؛ فما ترينه من صفرة وكدرة بعد انقضاء الحيض، إن كان متصلاً بالدم فهو حيض له جميع أحكامه، وإن كان بعد رؤية الطهر من الحيض، وانقضاء مدة العادة فله أحكام الاستحاضة من وجوب الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت، وتصلين مع وجوده وتصومين ويأتيك زوجك..
وبهذا يظهر لك حكم ما سألت عنه بشأن الصوم في رمضان، فما حُكم بأنه حيض منعك من الصوم ووجب عليك القضاء، وما حكم بأنه استحاضة فقد وجب عليك الصوم.
ونزيد بيان هذه المسألة بكلام للعلامة العثيمين فقد قال رحمه الله: النوع الثالث: صفرة أو كدرة، بحيث ترى الدم أصفر، كماء الجروح، أو متكدراً بين الصفرة والسواد، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض، لقول أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً. رواه أبو داود بسند صحيح. انتهى.
وقال أيضاً: القاعدة العامة: أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض وأعني بالطهر في الحيض خروج القصة البيضاء، وهو ماء أبيض تعرفه النساء فما بعد الطهر من كدرة أو صفرة أو نقطة أو رطوبة فهذا كله ليس بحيض، فلا يمنع من الصلاة ولا يمنع من الصيام ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته، لأنه ليس بحيض؛ لكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر، لأن بعض النساء إذا خف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف -يعني القطن- فيه الصفرة فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. انتهى باختصار.
والله أعلم.