الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الفتح على الإمام له حالان، فتارةً يكونُ واجباً، وتارةً يكون مستحبا، فيجبُ إذا لحنَ الإمام لحناً جلياً في الفاتحة، أو لحن لحناً يحيلُ المعنى في غير الفاتحة، ويستحبُ إذا لحنَ الإمام لحناً لا يحيلُ المعنى.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا أخطأ الإمام في القراءة على وجه يخل بالمعنى فالواجب أن يرد عليه سواء في الفاتحة أو غيرها, وإذا كان لا يخل بالمعنى فإن الأفضل أن يرد عليه, ولا يجب. انتهى .
وقد ذكرنا أحوال الفتح على الإمام، وكثيراً من المسائل المتعلقة به في فتاوى كثيرة سابقة، وانظر منها الفتويين رقم: 62679، 62629.
وبهذا تعلم، أنه متى كان الفتحُ على الإمام واجباً كان تركه حراماً، وأثم المأموم إذا تركه، ومتى كان الفتح على الإمام مستحباً لم يأثم المأموم بتركه، وإن كان الأولى أن يفعله.
وأما ما ذُكرَ من التشويش على المصلين، وأن أكثرهم عامة، فعلاجه بتعليمهم أحكام الشرع، وبيان الأدلةِ الشرعية من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر كلام أهل العلم لهم في المسألة، مع الحرص على الرفق واللين في ذلك كله، وعامة المسلمين بفضل الله، إذا بُينت لهم السنة رجعوا إليها.
وأما خوف كراهتهم للإمام إذا أخطأ وفتح عليه، فلا مُسوغَ له أصلاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من هو في الفضل والعلم بكتاب الله، قد ارتج عليه في بعض الصلوات، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا؟ قال: نعم، قال فمنا منعك؟ رواه أبو دواد.
وروى مسور بن يزيد المالكي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك آية من القرآن فقيل يا رسول الله صلى الله عليه ولم آية كذا وكذا تركتها، قال: فهلا ذكرتنيها. رواه أبو داود.
فليسَ على الإمام غضاضة ولا منقصة إذا أخطأ في القراءة وفتح عليه المأموم، ولكن إذا كان الإمام كثير الخطأ، ويُخشى أن تسقط منزلته عند الناس، فليس علاج تلك المشكلة بترك سنة الفتح على الإمام، ولكن علاجها بأن يقرأ الإمام مما يتثبت من حفظه جيداً، ويراجع ما يريدُ القراءة به قبل الصلاة .