الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يثبتنا وإياك على الحق، ثم اعلم أن الواجب عليك هو الندم على ما فرط منك وإحسان العمل فيما يستقبل، والإكثار من الحسنات الماحية، فإن ترك الصلاة والصيام من أكبر الكبائر، وإذا كان ترك الصلاة الواحدة أعظم من الزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين. كما نقل ذلك ابن القيم في أول كتاب الصلاة فكيف بترك صلاة هذه السنين. وزد على ذلك تعمدك الفطر في نهار رمضان، لكن الله عز وجل هو التواب الرحيم، وهو تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فمهما صدقت في التوبة وأقبلت على ربك قبلك الله عز وجل ومحى عنك ذنبك، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى:25}.
ومن شروط صحة توبتك عند جمهور العلماء: أن تقضي تلك الصلوات التي تركتها والأيام التي أفطرتها، فإنها دين في ذمتك فلا تبرؤ إلا بفعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضي. متفق عليه.
وكيفية القضاء في الصلاة تكون حسب الطاقة بما لا يضر ببدنك أو معاشك، وكذا قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان فهذا واجب على الفور، فعليك المبادرة به إن كنت مستطيعاً، وإن كان قد حصل منك جماع في نهار رمضان، فعليك مع القضاء الكفارة، وهي: عتق رقبة، فإن عجزت فصيام شهرين متتابعين، فإن عجزت فإطعام ستين مسكيناً عن كل يوم، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية أن القضاء لا يلزمك، بل لا يشرع لك، وإنما عليك التوبة والإكثار من النوافل، وقول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة، وقد فصلنا هذه الأحكام في فتاوى كثيرة، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 98938، 97771، 12700.
كما أن دخولك المسجد وأنت جنب لا يجوز، لقوله تعالى: وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ. {النساء:43}. ولحديث: إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود وحسنه ابن سيد الناس.
فالواجب عليك التوبة إلى الله والاستغفار من هذا الذنب، وهذه هي كفارة ذنبك فإن التوبة تجب ما قبلها، وليس عليك شيء زائد على ذلك.
ونختم بتذكيرك بهذا الحديث الذي رواه ابن ماجه وحسنه الألباني وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.