الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجملةُ المسئول عنها، وقعت في حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيح ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله.
وظاهر الحديث أن تخليل الرأس بعد الوضوء الكامل للصلاة ، فإن ثُمَّ تقتضي الترتيب، وعليه فهذا التخليلُ يُفعلُ بعد الفراغ من الوضوء، الذي يكون في أول الغسل استحباباً، فإن الوضوء سنة مستقلة في الغسل، قال الشيخ العثيمين في شرحه على بلوغ المرام: قولها( ثم يتوضأ)، يعني: يتوضأ وضوءه للصلاة، وهذا يقتضي أنه يتوضا وضوءاً كاملاً لتطهير الأعضاء الأربعة، الوجه واليدين والرأس والرجلين، قولها: (ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر)، يأخذ الماء يعني بيديه ويدخل أصابعه في أصول الشعر. انتهى.
وقال الحافظ في شرح قولها ( ثم يتوضأ ): فيه احتراز عن الوضوء اللغوي ويحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد في الغسل، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها، ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى. انتهى.
وقال في شرح قوله (ثم يفيض الماء على جلده كله): هذا التأكيد يدل على أنه عمم جميع جسده بالغسل بعدما تقدم وهو يؤيد الاحتمال الأول أن الوضوء سنة مستقلة قبل الغسل. انتهى.
وبهذا التقرير يظهرُ لكَ ما قدمناه من أن تخليل الشعر بالماء يكون بعد فراغ المغتسل من الوضوء الكامل، الذي هو سنة قبل الغسل.
والله أعلم.