الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولاً إلى أن العمل في الضرائب قد يكون محرماً، وقد يكون جائزاً ، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 5811،69979، 74284. فننبهك على أهمية مراجعتها.
أما بخصوص ما تسأل عنه ، فحكم ما يأخذه الموظف ممن يتعامل معهم من هدايا كحكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل ، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم: ما بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي فيقول هذا لك، وَهَذَا لي. فَهَلَّا جَلَسَ في بَيْتِ أبيه وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى له أَمْ لَا. فالهدايا التي تدفع للموظف لا يجوز له أخذها إلا بإذن جهة العمل ؛ لأن ما يدفع من ذلك إنما يدفع لأنه موظف في تلك المصلحة، ولو جلس في بيته لما دفع له أحد شيئا .
هذا هو الأصل في هدايا العمال ، فينبغي النظر في ما يقدم للموظف من هدايا إن كانت هذه الهدايا بسبب الوظيفة فلا يجوز له أخذها إلا بإذن جهة العمل ، أما إذا كانت الهدايا ليست بسبب الوظيفة كأن تكون جرت عادة المهدي بأهداء الموظف، أو تكون الهدية مما يوزعه البعض للدعاية، وليس لذلك علاقة بكون المُهدَى إليه موظفاً أو لا ، فلا حرج في أخذ الهدية في مثل هذه الأحوال، لأنها لم تقدم بسبب الوظيفة ، وهذا محتمل فيما ذكرته من هذه الهدايا .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وأفاد بقوله فهلا جلس في بيت أمه أنه لو أهدي إليه في تلك الحالة لم تكره لأنها كانت لغير ريبة ، قال ابن بطال : فيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال، وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام . انتهـى .
وقال أيضاً : وقال المهلب : فيه أنها إذا أخذت تجعل في بيت المال ولا يختص العامل منها إلا بما أذن له فيه الإمام ، وهو مبني على أن ابن اللتبية – يعني العامل المذكور في الحديث المتقدم - أخذ منه ما ذكر أنه أهدي له وهو ظاهر السياق ... وقال ابن المنير : يؤخذ من قوله هلا جلس في بيت أبيه وأمه جواز قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل ذلك كذا قال، ولا يخفى ان محل ذلك إذا لم يزد على العادة. انتهـى .
وأما ما يقدم للموظف على سبيل الضيافة فلا نرى حرجاً فيه؛ لأنه يقدم له باعتباره ضيفاً لا باعتباره موظفاً في جهة عمله .
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها : 17863 ، 74512 ، 112296 ، 115400، 116346 ، 117259 .