الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكلا الفعلين المذكورين حرام وموجب لسخط الله وغضبه, وإن كان الزنا أشد قبحا وأعظم جرما لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة التي منها اختلاط الأنساب وضياع الذرية, ومعلوم أن إيلاج الفرج في الفرج المحرم أعظم إثما من مجرد ملامسته, وكون الزنا بعلم المرأة ورضاها لا يهون الأمر, فإن الفعل الذي حرمه الله ونهى عباده عنه محظور ولو اجتمع أهل الأرض جميعا على فعله والرضا به.
وإذا ثبت أن هذين الفعلين كلاهما محرم وقبيح، فإنه لا يجوز للمسلم أن يتخير بين القبائح والمعاصي بل عليه أن يترك الجميع لعموم قوله سبحانه: وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ. {الأنعام: 120}.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و إذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم وغيره.
فقيد صلى الله عليه وسلم جانب الأمر بالاستطاعة, وأطلق في جانب النهي, فيجب ترك جميع المنهيات جملة واحدة بلا قيد, قال النووي في شرحه لهذا الحديث:
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: واذا نهيتكم عن شيء فدعوه، فهو على إطلاقه. انتهى.
والله أعلم.