الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوسوسة شيء يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به أو يتكلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم. فليس المرء بمؤاخذ عليها طالما أنها مجرد وساوس وخواطر تهجم على النفس، يكرهها الإنسان وتزعجه.
وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا، وانتفت عنه الريبة والشكوك اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 7950، 12300.
فليبشر السائل الكريم، فإنه إن شاء الله من هذا النوع؛ حيث يقول عن نفسه: (هذه الوساوس والحمد لله لم تترجم إلى أقوال أو أفعال).
فعليك أخي الكريم أن تطرح عن نفسك هذه الوساوس ولا يستجرينك الشيطان، وأحسن الظن بالله، وأقبل على حياتك مستعينا به سبحانه، واحرص على ما ينفعك متوكلا على الله، فإن ما تشكو منه من الحزن والقلق إنما هو من فعل الشيطان، وقد سبق لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 60628، 2081، 78372، 28751، 37959.
والله أعلم.