الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من مجمل السؤال دون معالجة تفاصيله الغامضة أن السائل يسأل عن شخص مولع بالنساء، مغرم بهن، وهذا له حالان:
الأول: أن يدفعه هذا إلى مواقعة الحرام والولوج فيما حرم الله من النظر أو الخلوة أو ما فوق ذلك، والأمر في ذلك واضح، إذ قبح هذه الأمور وحرمتها أوضح من أن يستدل عليه، وقد بينا بعض ذلك في الفتاوى رقم: 1095، 121179، 119568، 119236.
الثاني:أن يقتصر في ذلك على الطريق الشرعي الأوحد وهو الزواج بأن يلجأ إلى التعدد، وهذا لا حرج عليه فيه، فإن الله سبحانه قد أباح للرجل الزواج من أربع نسوة بشرط أن يلتزم العدل بينهن على ما سبق بيانه في الفتاوى رقم: 31514، 2967، 4955.
ولكن مع هذا ينبغي أن يحذر من مغبة الاسترسال في الشهوات، فإنه مذموم وخاصة في شهوة النساء، فإن الفتنة بهن عظيمة، وعواقبها مردية وخيمة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
ومعلوم أن الانشغال بشهوة النساء وغيرها من شهوات الدنيا – وإن كانت مباحة – فإنه يعطل عن القيام بمصالح الدين والدنيا، وغالبا ما يجر صاحبه إلى المنهي عنه، جاء في فتح الباري: ونقل ابن المنير في مناقب شيخه القبارى عنه أنه كان يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام. والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه، وهو منزع حسن، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق ذكر مسلم إسنادها ولم يسق لفظها فيها من الزيادة اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه. والمعنى أن الحلال حيث يخشى أن يؤول فعله مطلقا إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالإكثار مثلا من الطيبات فأنه يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق أو يفضى إلى بطر النفس وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية وهذا معلوم بالعادة مشاهد بالعيان. انتهى
ويمكنه أن يتغلب على ذلك بأن يشتغل بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه، فإن مثل هذه الأمور إنما تكون بسبب الفراغ والبطالة، ثم ليجعل همه النظر والتأمل فيما خلقه الله لأجله من إخلاص العبادة له سبحانه، وأنه بذلك قد تحمل أمانة عظيمة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
ثم ليتذكر أن شهوة النساء وغيرها من شهوات الدنيا مع ما فيها من التنغيص والتكدير فإنها فانية إلى زوال، وأن من أراد اللذة الكاملة التامة فليطلبها في جنة عرضها السماوات والأرض، ولا ينال ذلك إلا بالاجتهاد في طاعة الله والقيام بأوامره.
وتراجع الفتوى رقم: 117632، فإن فيها كلاما نفيسا عن عشق النساء وكيفية التخلص منه.
والله أعلم.