الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يتضح لنا مقصودك - أيها السائل - من سؤالك، فإن كانت زوجتك هي التي حلفت على الخروج لبيت أهلها وأصرت على ذلك فنقول: الأصل المتقرر أن الزوجة لا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها بدون إذنه وأنها إن فعلت ذلك كانت عاصية آثمة، ويستثنى من ذلك بعض الحالات التي يجوز لها الخروج ولو لم يأذن لها زوجها وقد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 65363.
وعليه فينبغي النظر فيما حمل زوجتك على الإصرار على الخروج فإن كان خروجها بحق فلا يجوز لك منعها أصلا فضلا عن ضربها وبذا تكون معتديا عليها بضربك وهذا يبيح لها طلب الطلاق كما بيناه في الفتوى رقم: 116133.
أما إن كانت زوجتك قد أصرت على الخروج بلا مسوغ ولم تقدر على منعها إلا بضربها فإن ذلك جائز إذا لم يكن الضرب مبرحا واستوفى شروط جوازه المبينة في الفتوى رقم: 69.
ولا يجوز لها حينئذ أن تطلب الطلاق لأنها هي المعتدية وطلب الطلاق دون مسوغ حرام كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 117999.
مع التنبيه على أن ضرب الزوجة لا يجوز المسارعة إليه عند أي خلاف بل هو آخر الدواء ونهاية المطاف بعد أن يستنفذ الزوج الطرق الأخرى من نصحها ووعظها وهجرها في المضجع.
أما إن كنت أنت الحالف عليها أن تذهب لبيت أهلها دون جناية منها ولا تسبب فهذا لا يجوز، فإن سكناها في البيت من حقوقها عليك ولا يجوز لك إخراجها منه, قال الله عز وجل: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ. {الطلاق:1}, قال القرطبي: وهذا معنى إضافة البيوت إليهن؛ كقوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ وقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ فهو إضافة إسكان وليس إضافة تمليك. انتهى.
وحينئذ يكون ضربك لها زيادة في الظلم ومسوغا لها لطلب الطلاق أيضا.
أما إذا حدث منها نشوز كتمنعها عن الاستمتاع المباح أو خروجها دون إذن فهنا يسقط حقها في النفقة والسكنى وغيرهما ويجوز لك إخراجها، جاء في الإقناع للشربيني: وتسقط به (النشوز) أيضا حيث لا عذر نفقتها وتوابعها كالسكنى وآلات التنظيف ونحوها. انتهى. بتصرف.
وحينئذ لا يجوز لها طلب الطلاق لأنها هي المتسببة في ذلك.
والله أعلم.