الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الأمر في حدود ما ذكرت ولم يتعد ذلك إلى التصريح بالعلاقة الخاصة بين المرء وزوجه، أو إفشاء ما يكون بينهما فهو مكروه لما فيه من اللغو والإخلال بالمروءة، قال النووي رحمه الله:
فأما مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنه خلاف المروءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. انتهى كلامه.
ولكن المكروه بل والمباح قد يقترن بهما من الأحوال ما يلحقهما بالمحرم، ولذا فلو كان هناك من يتأذى بهذا الكلام أو أدى هذا الكلام إلى التوسع فيه وكان ذريعة إلى التصريح بما لا يجوز التصريح به فحينئذ يمنع منه، مع التنبيه على قاعدة هامة يغفل عنها كثير من الناس وهي أن المكروه بالجزء ممنوع بالكل، بمعنى أن الشيء المكروه إذا حصلت المداومة عليه بحيث صار ملازماً للشخص فإن هذا يلحقه بالمحرم الممنوع، قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات:
إذا كان الفعل مكروها بالجزء كان ممنوعاً بالكل، كاللعب بالشطرنج والنرد بغير مقامرة، وسماع الغناء المكروه، فإن مثل هذه الأشياء إذا وقعت على غير مداومة، لم تقدح في العدالة، فإن داوم عليها قدحت في عدالته. انتهى كلامه.
ولذا فإنا وإن قلنا بالكراهة فإن ذلك مقيد بما إذا حصل الفينة بعد الفينة ولم يداوم عليه صاحبه ويدمنه وإلا منع منه.
والله أعلم.