الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمرأة تقيم حيث يقيم زوجها، إلا أن تكون قد اشترطت عليه في العقد ألا تخرج من بلدها فلها شرطها، أمّا إذا لم تشترط فالراجح عندنا أنّه يجب عليها طاعته إذا طلب منها الانتقال للعيش معه.
قال الحطّاب المالكي: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها قال ابن عرفة :بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه.مواهب الجليل لشرح مختصر خليل.
أمّا عن سؤالك، فإذا أذن لك زوجك في الرجوع إلى بلدك فلا إثم عليك في ذلك، لكن مادمت تعلمين أنّه غير راض عن ذلك، فلا ينبغي لك الإقدام على هذا الأمر، فالأولى أن توطنّي نفسك على البقاء معه، إرضاءً لربك وتحصيلاً للمصالح الكبيرة، فإن اجتماع شمل الأسرة وتنشئة الأولاد بين أبويهم مصلحة عظيمة لا تقارن بضرر بعدك عن أهلك، وتواصلك مع أهلك ممكن بالاتصال بهم وزيارتهم في الإجازة السنوية.
أمّا إقامة أمّه معكم، فالأصل أنّ من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً لا يشاركها فيه أحد من أقاربه ولا تتعرض فيه لضرر، لكن قد يتعذر ذلك على زوجك في مثل حالتكم، فيمكنك التفاهم مع زوجك لإزالة أسباب الخلاف، مع التغاضي عن الهفوات واجتناب نزغات الشيطان، ولا شكّ أنّ في صبرك على بقائها أجرا عظيما فإنّه من الإحسان إلى زوجك ومن إعانته على بر أمّه، وذلك ما يرجى أن يعود عليكم بإذن الله بالبركة في العمر والرزق والولد، واعلمي أنّك إذا جاهدت نفسك في مرضاة الله فسوف تجدين التيسير في الأمور .
قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق:4}
والله أعلم.