الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت تعلم أدلة غض البصر فلن نفيض في ذكرها، ولكننا سنجمل نصيحتنا لك في أمور:
1- لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2007 .
2- الأماكن التي تعلم أنك لن تستطيع أن تغض بصرك فيها يجب عليك عدم الذهاب إليها إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة معتبرة شرعا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وَيَجِب عَلَى الرِّجَال غَضّ الْبَصَر عَنْهَا فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِلَّا لِغَرَضٍ صَحِيح شَرْعِيّ, وَهُوَ حَالَة الشَّهَادَة ، وَالْمُدَاوَاة, وَإِرَادَة خِطْبَتهَا، أَوْ الْمُعَامَلَة بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاء, وَغَيْرهمَا, وَنَحْو ذَلِكَ, وَإِنَّمَا يُبَاح فِي جَمِيع هَذَا قَدْر الْحَاجَة دُون مَا زَادَ . وَاللَّه أَعْلَم . اهـ
3- على المسلم الاعتزار بدينه والالتزام به، ونظرة غير المسلمين لك إذا تمسكت بدينك وما قد يقولونه عنك كل هذا لا يسوغ الوقوع في الحرام أو التساهل في أوامر الله، فأنت مطالب بتطويع حياتك لأحكام الإسلام لا تطويع أحكام الإسلام وفقا للواقع أو لنظرة غير المسلمين لك.
4- إذا كانت الدراسة لابد منها ولا توجد أماكن غير مختلطة فلا مانع من الذهاب إلى هذه الأماكن دارسا أو محاضرا، ولكن غض بصرك ما أمكن ذلك، ونظر الفجأة معفو عنه، أما غير المعفو عنه فهو إدامة النظر وتعمد ذلك، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. رواه مسلم.
قال النووي في شرح الحديث: قَوْله: الْفُجَاءَة. هِيَ الْبَغْتَة. وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ, وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال, فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ, وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث, فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ. اهـ.
5- عندما تكون أستاذتك معلمة فيجب عليك أيضا غض بصرك قدر الإمكان.
6- لا يتحدد جواز نظرك للمرأة أو عدم جوازه بسن معين كالأربعين -كما ذكرت- أو غير ذلك، بل ما دامت المرأة أجنبية عنك فيجب عليك غض بصرك إلا في الحالات المستثناة التي سبقت في كلام النووي رحمه الله، وكذلك العجوز الفانية ونحوها مما تؤمن فتنته، وتراجع الفتوى رقم: 5776 ، والفتوى رقم: 6563 .
وأخيرا نوصيك بتقوى الله والحرص على دينك، فإن لم تستطع ذلك في البلاد أنت فيها فابحث لك عن مكان تستطيع أن تقيم فيه دينك وتأمن الفتنة، والله يغنيك من فضله، وراجع الفتوى رقم: 5658 .
والله أعلم.