الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء لم يتبين لنا المقصود بقول السائلة- ليتمكنوا من توريثه لأولادهم حسب قوانين الإيجار الجديدة-والذي يمكننا قوله هو أن كتابة الوالد للمحل باسم أبنائه الذكور هذه الكتابة لا عبرة بها، ولا يصير بها المحل ملكاً للورثة، لأنه إن كتبه باسمهم على أن يأخذوه بعد مماته فهذه وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعاً ولا تمضي إلا بإذن الورثة، كما فصلناه في الفتويين: 7034، 18136.
فإذا لم يرض الورثة رجع المحل إلى الميراث واقتسمه الورثة القسمة الشرعية، وإن كان الوالد كتب المحل باسم الأبناء وأعطاهم إياه في حياته فهذه هبة، ولكنه إن لم يكن أعطى للبنات ما يتحقق به العدل الواجب بين الأولاد -ذكوراً وإناثاً- فإن الهبة باطلة، ويرد المحل إلى التركة بعد مماته على الصحيح من أقوال الفقهاء في المفتى به عندنا، كما في الفتوى: 6242.
وفي كلا الحالين لا يكون المحل للأبناء، ويدخل في جملة التركة التي يتقاسمها الورثة، وأما اتفاق الأم مع الجدة على أن تدفع لها حقها الشهري على أقساط، فإن كان المقصود أن ذلك القسط الشهري هو نصيب الجدة من الإيجار الشهري للعقار الموروث فهذا لا حرج فيه، وإن كان المقصود أنها تعطى حقها من التركة ككل على أقساط، فالأصل أن الجدة تأخذ حقها كاملاً من غير أقساط، وكون التركة عقارات لا يبرر منعها من التملك في العقارات -بحسب نصيبها الشرعي- ولكن لو كانت الجدة رشيدة ورضيت بذلك طائعة مختارة فلا حرج في ذلك الاتفاق، بشرط أن يحدد نصيبها كاملاً من التركة، وتحدد كل المدة التي ستستغرقها الأقساط.
وأما كيفية تقسيم المحل فيقسم بينكم القسمة الشرعية، ويملك كل واحد منكم فيه بقدر نصيبه الشرعي.
وإذا كان مؤجراً فإنكم تقتسمون إيجاره على الأنصبة الشرعية من الميراث، وإذا أردتم بيعه فتقتسمون ثمنه على الأنصية الشرعية أيضاً، وبإمكانكم أن يبيع بعضكم حصته للآخرين، والأمر في هذا سهل.
وأما كيف توزع التركة بينكم فإن كان والدكم توفي عن زوجة، وابنين، وابنتين، وأم ، ولم يترك وارثاً غيرهم. فإن لزوجته الثمن، ولأمه السدس، والباقي يقسم بين الابنين والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين. فتقسم التركة على (144) سهماً، للزوجة ثمنها (18) سهماً، وللأم سدسها (24) سهماً، ولكل ابن (34) سهماً، ولكل بنت (17) سهماً، والعبرة بالتركة التي تقسم هي تركة الميت فإذا أخذت الأم نصيب وارث وأعطته لوارث آخر بحجة الإنفاق والزواج فهي ضامنة ويلزمها رده، وليس لها أن تتصرف بهواها، ولا يجوز لها أن تزوج أحداً من الورثة بمال أو ببعض مال الوارث الآخر، ولا يحق لأمكم منعكم من قسمة التركة حتى تتزوجوا، وليس لها أصلاً حق التصرف في نصيب الورثة سواء من كان منهم دون سن الرشد أو من كان بالغاً رشيداً، إلا أن تكون وصية على القاصرين من قبل الأب قبل مماته، لأن من كان دون سن الرشد يتولى التصرف في ماله وصي الأب، فإن لم يكن فجدهم، فإن لم يكن فالحاكم على تفصيل ذكرناه، في الفتويين: 28545، 107179.
ومن كان بالغاً رشيداً فهو ولي نفسه ولا يحجر عليه في التصرف في ماله إلا من قبل القضاء الشرعي.
والله أعلم.