الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود بقولك: وبالفعل تمت الفاتحة هو مجرد حصول الخطبة.
فاعلم أولاً أن قراءة الفاتحة عند الخطبة مما لا أصل له في الشرع، ولم يثبت فعل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه. وانظر الفتوى رقم: 14411.
والظاهرُ أنه حدثَ بينكما من التوسع في العلاقة مما لا يجوزُ بين الأجنبيين، ما نتجَ عنه هذا الحب الشديد الذي تذكره، والواجبُ عليك أولاً أن تتوب إلى الله عز وجل إن كنت قد ألممت بإثم ، ثم إذا كانت تلك الفتاة قد عدلت عن الخطبة بمحض اختيارها، بعد أن استخارت الله في ذلك، ولم يبقَ لك سبيلٌ إلى الزواج بها، فعليك أن تسعى في علاج نفسك مما ألم بك من العشق، وذلك بالاجتهاد في الدعاء، والإقبال على العبادة، ثم البحث عن أخرى ذات صلاح ودين، تستعف بنكاحها عن الحرام.
وأما ما فعلته هذه الفتاة من الاستخارة أولاً حتى وافقت عليك خاطباً، ثم بدا لها فاستخارت أخرى، ثم ردتك فلا حرج فيه، بل الاستخارة أمرٌ حسن، وهي في كلا الحالين قد فعلت ما شرعه الله لها، وما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه.
وتكرار الاستخارة في الأمر الواحد من الأمور المشروعة ، قال الشيخ العثيمين:
نعم إذا استخار الإنسان ربه في شيء وانشرح صدره له فهذا دليل علي أنه هو الذي اختاره الله تعالى. وأما إذا بقي مترددا فإنه يعيد الاستخارة مرة ثانية وثالثة، فإن تبين له وإلا استشار غيره، ثم ليمض فيما هو عليه ويكون ما قدره الله له هو الخير إن شاء الله. انتهى.
وإذا علمت هذا، فالذي ننصحك به، ألا تفكر في هذا الأمر مرة أخرى، إذا كان بابه قد أغلق دونك، وأن تشتغل بما يعود عليك نفعه في دنياك وآخرتك، واعلم أن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، لأنه تعالى أرحم بعبده من الأم بولدها، فارض بما قدره الله لك، ولعل الله أن يرزقها من هو خير منك ، ويرزقك من هو خيرٌ منها، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
والله أعلم.