الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالربا من أكبر الكبائر، بل هو من السبع الموبقات، وهو حرب لله ، وصاحبه متوعد باللعنة، كما في الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. وراجع الفتوى رقم: 107397.
ولكن أكل الربا لا يخرج صاحبه من الملة فهو مسلم، وبالتالي فأعماله مقبولة إن شاء الله ما دامت خالصة وموافقة للشرع، وراجع الفتوى رقم: 35296.
ولا علاقة بين صحة الصلاة وارتكاب الربا كما موضح في الفتوى رقم: 48272.
وليس معنى هذا التهوين من شأن الربا، فإن أعمال العبد توزن يوم القيامة، ويكون مصيره بحسب ثقل إحدى كفتي الميزان، كما قال تعالى: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ {الأعراف:8، 9} وقال سبحانه: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {المؤمنون:102، 103} وقال تبارك وتعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ* نَارٌ حَامِيَةٌ {القارعة: 6ـ 11}
فيحذر العبد أن يضيع على نفسه جزاء من عمله الصالح باقتراف ذنوب تثقل كفة سيئاته.
والله أعلم.