الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تفعلينه من الانتظار يوماً أو يومين ، وترك الاغتسال إن كان بعد رؤية الطهر فهو خطأ لا يجوز فعله. فالواجبُ عليك أيتها الأخت الفاضلة إذا رأيت الطهر بإحدى علامتيه الجفوف أو القصة البيضاء أن تغتسلي وتصلي ، فإن عاد الدمُ عدتِ حائضا ما لم يتجاوز مجموع تلك الأيام -أي أيام الدماء وأيام النقاء المتخلل بينهما- خمسة عشر يوماً.
هذا والواجبُ عليك أن تسألي أهل العلم عما أشكل عليك ، فإن الله عز وجل أمر بالرجوع إليهم. فقال جل وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{ النحل:43}
والرجوع إلى أهل العلم والصدور عن أقوالهم هو الذي يُريح العبد ، فيكون على بينة مما يأتي ويذر، فإذا حرصت على هذا الذي نصحناك به ذهبت عنك الكآبة والحزن ، وزال عنك ما تجدينه من ضيق الصدر.
ثم قولكِ إنك تستظهرين للطهارة إن أردتِ به مذهب المالكية في الاستظهار فهذا فهمٌ خاطئٌ لمذهبهم ، فإن الاستظهار عند المالكية يكون إذا جاوز الدمُ مدة العادة فتستظهرُ المرأة بثلاثة أيام تعدها حيضا .
جاء في الموسوعة الفقهية: ومن أمثلة انتقال العادة عند المالكية ما إذا تمادى دم المعتادة وزاد على عادتها فإنها تستظهر بثلاثة أيام على عادتها ، ويصير الاستظهار عادة لها. انتهى.
والواجبُ عليكِ إذا أخرت الغسل عن وقت رؤية الطهر أن تقضي ما فاتك من صلوات بعد رؤية الطهر وقبل الغسل، وقضاء الصلوات الفائتة واجبٌ على الفور إن كان التفويت لغير عذر، والذي يظهر لنا أنك معذورة بجهلك، لكن ينبغي المبادرة بالقضاء إبراء للذمة بما لا يضر ببدنك أو معاشك، مع وجوب التوبة إلى الله من التهاون في تعلم ما يلزمك تعلمه من أمر دينك.
قال النووي رحمه الله: وإن فوتها بلا عذر فوجهان كما ذكر المصنف أصحهما عند العراقيين أنه يستحب القضاء على الفور، ويجوز التأخير كما لو فاتت بعذر وأصحهما عند الخراسانيين أنه يجب القضاء على الفور، وبه قطع جماعات منهم أو أكثرهم. ونقل إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه، وهذا هو الصحيح؛ لأنه مفرط بتركها، ولأنه يقتل بترك الصلاة التي فاتت، ولو كان القضاء على التراخي لم يقتل. انتهى.
وأما ما ذكرته من أمر الوسوسة فقد بينا في فتاوى كثيرة علاج الوسواس، وأنه يكون بعدم الالتفات إليه والإعراض عنه. وانظري الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.