الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صلاة هاتين الركعتين في ليلة الزفاف أمر ثابت من فعل بعض السلف. وأما الدعاء المذكور: اللهم إني أسألك من خيرها ... وكذا الدعاء الخاص بوقت الجماع: اللهم جنبنا الشيطان... كل ذلك مستحب وليس بواجب، وقد بينا ذلك وزيادة عليه في الفتويين رقم: 121896، 10267. وقد بينا صفة هاتين الركعتين في الفتوى رقم: 121896.
وينبغي أن يلتزم طريقا وسطا في الدعاء فلا يخافت به بحيث لا يسمع نفسه ولا يجهر به، بل يكتفي بالقدر الذي يسمع به نفسه فقط، وهذا هو أدب الدعاء بصفة عامة، فقد قال الله سبحانه: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا {الإسراء: 110}
جاء في تفسير السراج المنير عند هذه الآية: وقيل: إنّ المراد بالصلاة الدعاء ، وهذا قول عائشة رضي الله تعالى عنها وأبي هريرة ومجاهد ، قالت عائشة : هي الدعاء" جاء في فتح الباري".... والثاني: يستفاد منه صفة من صفات الداعي وهي عدم الجهر والمخافتة فيسمع نفسه ولا يسمع غيره" انتهى.
جاء في شرح عمدة الأحكام للشيخ ابن جبرين: أرشد في هذا الحديث الزوج إذا أراد مواقعة زوجته أن يبدأ باسم الله، فقال: ( لو أن أحدكم إذا أرد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) يقول ذلك قبل البدء أو عند البدء في الوقاع، ويقول ذلك بحيث يُسمع نفسه، وتقوله أيضاً الزوجة، فإذا قاله كل من الزوجين حصلت البركة، ولا شك إن اسم الله تعالى سببٌ للبركات وكثرة الخيرات. انتهى.
ولا يلزم الجماع بعد الدعاء، بل إنك إذا عزمت على الجماع ثم دعوت بهذا الدعاء، ثم بدا لك أن تترك الجماع فلا حرج عليك من ذلك، مع الإشارة إلى أن هذا الدعاء الخاص بالجماع يستحب عند كل جماع، وليس خاصا بليلة الزفاف.
بخلاف صلاة الركعتين والدعاء الأول فإن محلهما في ليلة الزفاف، حتى ولو عزم الإنسان على ترك الجماع أو تأجيله عن هذه الليلة.
والله أعلم.