الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها إلا لحاجة معتبرة ككون الزوج لا يوفيها حقها من النفقة أو المعاشرة، أو يؤذيها بنحو السب والضرب بلا جناية منها، إلى غير ذلك من الأسباب التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 116133.
أما سفرك هذا فإنه لا يجوز بدون محرم، على ما بيناه في الفتوى رقم: 3420.
وأما نفس الإقامة في بلاد الغربة فلا يشترط فيها المحرم، إلا أنه ينبغي التنبه إلى أن هذا البلد الذي تريدين السفر إليه إذا كان بلداً غير إسلامي -كما هو الظاهر- فإنه لا يجوز لك الإقامة فيه لما ثبت من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك على ما بيناه وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7930، 2007، 114297.
ويستثنى من ذلك من كانت به حاجة شديدة لمثل هذه الإقامة وغلب على ظنه السلامة من الفتن، وكان قادراً على إظهار شعائر الدين، ولا نرى فيما ذكرت حاجة شرعية معتبرة، فإن الحصول على الجنسية من هذه الدول الاصل فيه المنع، ولا يجوز إلا لتحقيق مصلحة أو دفع مفسدة لا تتحقق إلا بذلك، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 51281، 26795.
وأما الزواج فإنه إذا تم مستوفياً شروطه وأركانه الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 1766. فإنه صحيح حتى ولو لم يتم توثيقه، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 5962.
أما بخصوص الأولياء فقد سبق بيان ترتيبهم في الفتوى رقم: 22277.
وسفر أعمامك لا يمنع من قيامهم بتولي عقد الزواج، فمن الممكن أن يأتي أحدهم من سفره أو يوكل من يتولى عقد الزواج نيابة عنه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 105204.
أما بخصوص ما ذكرت من ظروف أمك، فإنا نوصيك أن تقدمي مصلحتها دائماً فحقها عليك عظيم وهي أحق الناس بصحبتك، فإن كان زواجك هذا لا بد معه من السفر -كما هو الظاهر- وهي تأمرك بتركه لما سيترتب عليه من مفارقتك لها وتعرضها للأذى نظراً لكبر سنها وعقوق بناتها فهنا يجب عليك طاعتها.
قال الصنعاني في سبل السلام عازياً للبلقيني: العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرماً من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد. انتهى.
ويمكنك أن تستعيضي عن هذا بالزواج من زوج مقيم في بلدكم بحيث لا تنقطعين عن رعاية أمك والسؤال عنها.
مع التنبيه على أن اعتراض الأم على زواج ابنتها برجل لمجرد كونه غير حاصل على شهادة جامعية اعتراض في غير محله فإن هذا غير مؤثر ما دام الرجل صاحب دين وخلق.
والله أعلم.